بوابة الشروق
أحمد بهاء الدين
أولى حضانة !
من الخصائص الرائعة المضافة حديثا لموقع فيسبوك خاصية On this day أو فى هذا اليوم، بعد إهمالها لأسابيع طويلة بدأت أخيرا أتعامل معها بجدية، تخبرك ببساطة ماذا كتبت فى هذا اليوم منذ سنه وسنتين وخمسة وثمانية..إلخ.

تضعك فى ثوان معدودة على حقيقة إنجازاتك خلال سنوات، وتعيد عليك فى غمضة عين شريط حياتك بداية من تاريخ انضمامك لهذا الموقع الذي ساهم فى تغيير العالم بشكل من الأشكال.

الأسبوع الماضي ظهر أمامي مقال كتبته منذ عامين؛ «قصة قصيرة: أوتوماك ودبـى»، قرأته من جديد ووجدت أنه مازال صالح للنشر، بعد عامين بالتمام والكمال!، وهذا ما قمت به بالفعل، أعدت نشر المقال الأسبوع الماضي بنفس العنوان مع مقدمة بسيطة أشرح فيها أسباب إعادة نشره.

عامان، والمقال مازال صالح للنشر!، ما يعني أن أقدامنا عالقة فى نفس المكان، ربما عدنا للخلف، فكما اتفقنا الأسبوع الماضي فإن قطار الحضارة لا يعرف الانتظار أو حتى التباطؤ.

الأيام الماضية ظهر من جديد بواسطة On this day مقال كتبته منذ عام تحت عنوان «ماذا قدمت لنا مصانع تجميع السيارات؟!»، قرأته مرة أخرى والمدهش أنني وجدته مازال صالح للنشر!، لكني لن أعيد نشره هذه المرة، فمن الواضح أن القصة سوف تتكرر كثيرا خلال الفترة القادمة!.

جميع ما كُتب مازال صالح لإعادة النشر!، ما يدفعك لتدرك أن سوق السيارات فى بلدنا «حرفيا» تسير فى نفس مكانها!، هذا إن افترضنا جدلا أنها تتحرك أساسا!، أشبه بمن يمشي على Treadmill أو «جهاز الجرى/ المشي»، شاشة تُظهر أرقام وسعرات يتم حرقها وجهد ولكن فى نفس المكان.

اعتدت على نوعية معينة من الرسائل والتعليقات بعد صدور كل عدد؛ يؤكد لي البعض باستمرار أن الأخبار والتقارير التى ننشرها بعضها بعيدا جدا عن سوقنا المحلية وطبيعة المستهلك المصري!، والحقيقة أن بعضها بالفعل بعيدة عن سوقنا ولكن ليست بعيدة عن المستهلك!.

وكلاء وشركات السيارات فى مصر هم من يحرصون على إبعادكم عن حركة التطور فى تلك الصناعة!، معظم ما توصلت إليه صناعة السيارات العالمية من تطور، يتم إطلاقه فى الأسواق العالمية والمجاورة فور اعتماده للإنتاج التسويقي باستثناء السوق المصرية بالطبع، ربما السوق الوحيدة بين الأسواق التي تبقت من إقليم شمال أفريقا والشرق الأوسط التي يتم فيها بيع سيارات تتجاوز أسعارها ١٦٠ ألف جنيه بدون نظام ABS لمنع انغلاق الفرامل ووسائد هوائية.

فى مثل هذه السوق هل نتوقع أن يتم طرح سيارات هجينة، لن أتمادى وأقول كهربائية كاملة، فالأخيرة تتطلب استثمارات فى البنية التحتية بإنشاء نقاط ومحطات شحن.

ولكن «هجينة» توفر فى استهلاك الوقود وتحصل على تخفيض للتعريفة الجمركية ولا تتطلب محطات ونقاط شحن، كل تلك المزايا تجعلك مندهشا لعدم وجود هذا النوع من السيارات فى بلدنا!، وانت محقا تماما فى اندهاشك، فهى سيارة تحمل فقط «المزايا» للعميل سواء على مستوى استهلاك الوقود أو الرسوم الجمركية.

لماذا لا يوجد هذا النوع من السيارات فى مصر؟ سؤال إجابته بسيطه جدا؛ لأن السيارات الهجينة سوف تمثل عبئ على شركات السيارات، سوف تتطلب صيانتها أدوات وأجهزة ومعدات مخصصة بجانب التدريب الذي يجب أن يحصل عليه المهندسون، وهو استثمار مكلف وغير ضروري فى رأي معظم الشركات.

مع المبيعات المحدودة للسوق المصري مقارنة بالأسواق الأخرى لا تضع أبدا الشركات الأم آمالا عظيمة على هذه السوق، لذلك لا يعنيها أن يطلق وكلاؤها سيارات هجينة أو يعتمدون أنظمة أمان متطورة.

لا أعلم إن كنت سوف أكتب يوما عن سيارة كهربائية فى سوقنا المحلية أو مبادرة واحدة من الشركات بتطبيق نظام رائد أو دعم منظومة الطرق والمواصلات بتقنية حديثة، سوق السيارات فى مصر «حرفيا» أشبه بطفل فى «أولى حضانه» تمر عليه السنوات دون أن يتجاوز سنته الأولى!.

ما يبرع فيه هذا السوق هو عقد المؤتمرات والندوات وورش العمل ثم الخروج بتوصيات، ففى العام الماضي فى مثل هذا التوقيت تم عقد ما يسمى بـ «القمة السنوية لصناعة السيارات»!، وبعد يوم كامل من الندوات وحضور جهات حكومية تم الخروج بتوصيات.

لم نسمع شيء عن تلك التوصيات على مدار العام الماضي ولم نسمع شيء عن آليات التنفيذ.

منذ أيام تلقيت دعوة القمة «الثانية» المخطط إقامتها فى مطلع شهر ديسمبر، الأسابيع القادمة سوف أحاول أن أعيد نشر توصيات العام الماضي ومقارنتها بالتوصيات الجديدة التي نتوقع صدورها فى أسابيع، وأنا واثق أن هذه المقارنة البسيطة سوف تشرح تعبير «أولى حضانه» الذي لا تريد السوق أن تتجاوزها لـ«تانية حضانه» على الأقل!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف