الأخبار
أ.د. حسام الدين مغازى
للنيل قانون يحميه
أصدر السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ اسبوعين قراراً بالموافقة علي تعديل بعض أحكام القانون رقم 48 لسنة 1982 بشأن حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث. هذه التعديلات مرت بهدوء ربما لصدورها في فترة كانت كل اجهزة الاعلام مشغولة (ومازالت) بتغطية انتخابات البرلمان، وبالتالي لم تأخذ تلك التعديلات حقها بالرغم من انها تشكل نقلة نوعية لإسباغ مزيد من الحماية علي نهر النيل، وتكلل مجهودات استمرت منذ عام 2005 لتعديل القوانين التي تحكم الوضع القانوني لنهر النيل والمجاري المائية في مصر.
حينما ننظر للتاريخ نجد ان حماية نهر النيل كان علي قائمة اهتمامات الحكومات المصرية، خصوصا وان غوائل الفيضان وما كانت تسببه من كوارث دفعت حكام مصر لتبني اساليب قاسية لحماية البلاد، مثل تطبيق السخرة لجمع وتشغيل العمال لترميم الجسور وحمايتها قبل بدء الفيضان في شهور الصيف. ظل قانون السخرة ساريا حتي تم الغاؤه في 1888 واستبداله بأمر عال بتكليف الاهالي كل في منطقته بملاحظة جسور النيل فترة الفيضان، لكن كانت هناك سلطة للخديو لإلزام القادرين علي اجراء الاعمال التحفظية مدة الفيضان اذا وصل ارتفاع مياه النيل إلي 24 ذراعا. وقد صدر في عام 1894 اول لائحة للترع والجسور وهي تشريع متكامل من 43 مادة تحدد التتظيمات الجديدة لإدارة الري، كما حددت اختصاصات مفتشي الري واوجدت حلولا لمشاكل كثيرة يعاني منها الري مثل اعتبار دفن رمة في الجسر مخالفة يعاقب عليها بالحبس من 15 يوما إلي شهرين وبغرامة توازي قيمة رد الشيء لأصله.
بعد ثورة يوليو التفتت اول حكومة تم تشكيلها إلي اهمية حماية النهر، فصدر في عام 1953 القانون رقم 867 بهدف جمع كل التشريعات السابقة عن شئون الري والصرف بعد تعديلها وتطويرها في قانون واحد ولعل اهم مايميز هذا القانون وقتها انه عالج بطء الاجراءات، فجعل الاتصال مباشرا بين المزارع او صاحب الطلب ومفتش الري، كما عني بالاملاك الخاصة ذات الصلة بالري والصرف.
اختلف الوضع تماما بعد اكتمال بناء السد العالي وانتهاء اخطار الفيضان التي كانت تستنفر المصريين لحماية النهر، تغير الوضع الهيدرولوجي للنهر واصبح تحت السيطرة الكاملة لمهندسي الري، وصدر قانون جديد للري والصرف سنة 1971 استمر حتي عام 1982، وخلال هذه الفترة طفت علي السطح مشكلات جديدة بعد انتظام سريان المياه من توربينات السد العالي، تواكبت مع ازدياد الكثافة السكانية التي توسعت وتمددت حتي لامست حواف النهر وباقي المجاري المائية، ولاحت في الافق بوادر لمشكلات تلوث للمياه، فصدر قانون رقم 48 لسنة 1982 لحماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث والذي حظر صرف او إلقاء المخلفات الصلبة او السائلة او الغازية من العقارات والمنشآت التجارية والصناعية والسياحية الا بعد الحصول علي التراخيص اللازمة من وزارة الري وفق الضوابط والمعايير التي تضعها وزارة الصحة، واسند الاشراف ومسئولية تنفيذ احكام هذا القانون إلي مسئولية الري والصرف وشرطة المسطحات المائية بوزارة الداخلية، كما صدر في عام 1984 قانون 12 وهو معني بحماية المجاري المائية ونهر النيل من التلوث.
استمر تطبيق القانونين اكثر من ثلاثين عاما جرت خلالها مياه كثيرة في النهر، ظروف وسلوكيات مختلفة دعت إلي اعادة النظر في تلك القوانين حتي تتواكب مع المخالفات الجديدة التي تقع علي النهر وفروعه. والتي تفاقمت بعد ثورة يناير 2011 وماصاحبها من انفلات ادي إلي تفاقم عدد التعديات علي النهر لتصل إلي خمسين الف تعد، وبمعدلات بلغت ثلاثة اضعاف المعدلات التي كانت تقع قبل 2011.
وبالتالي صدر قرار جمهوري بقانون 102و103 لتعديل 20 مادة في قانون 12 لسنة 84 وخمس مواد في قانون 48 لسنه 82. كانت الغرامات في القانون القديم من 30 جنيها إلي 100 جنيه كحد اقصي، وبعد التعديل وصلت العقوبات إلي الحبس لمدة عام، أو غرامة تصل إلي 50 ألف جنيه أو الإثنين معا، وتضاعف في حالة التكرار، ويأتي هذا في إطار الحملة القومية لإنقاذ نهر النيل التي تم تدشينها في يناير 2015
ان النظام الوطني الذي يحكم مصر الآن بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو مشغول بحماية حدود مصر الادارية والجغرافية من قوي الشر والارهاب التي تتربص بمصر، لم يتوان او ينشغل عن بسط الحماية علي نهر النيل، هبة الحياة للمصريين.
حفظ الله مصر وشعبها ونيلها من كل سوء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف