التحرير
خالد بيومى
بلطجي ويُكرَّم.. شىء غريب!
بعد الحادثة المروعة التى أودت بحياة 22 شخصًا من فلذات أكبادنا فى المباراة الشهيرة الأخيرة بين ناديى الزمالك وإنبى فى الدورى المصرى، والتى أدت إلى قرار من السيد رئيس الوزراء إبراهيم محلب بإيقاف مباريات الدورى لأجل غير مسمى، كانت النغمة السائدة من البعض ممن أبهرونا على شاشات التلفاز أنهم مجموعة من البلطجية الذى يريدون أن يضربوا استقرار مصر المحروسة، كلام كبير جدا نال ممن شهد الواقعة أو الكارثة التى هزت أرجاء العالم، خصوصا أنها كانت فى مباراة لكرة القدم، وبعد ذلك وفى غضون أيام قليلة تغير كل شىء، لغة الحديث تبدلت من بلطجى إلى شهيد إلى جمهور عادى إلى ناس طيبين وغلابة ليس لهم علاقة لا بألتراس ولا وايت نايتس، شباب جاء لمشاهدة فريق أحبوه وعشقوه، إنها الشيزوفرينيا التى لا بد أن نعالَج منها.

لا بد كذلك أن نُعرض جميعاً على مصحّات للعلاج النفسى، فليس من الطبيعى إلقاء التهم على شباب أزهقت أرواحهم والمتسببين فى الكارثة جليسو الكراسى، بداية من الوزير نهاية بأصغر عامل فى مجال كرة القدم، والغريب أنهم فجأة اكتشفوا أنهم ناس عاديون من كل أطياف المجتمع المصرى الطيبين، والدليل على الشيزوفرينيا أن كل مسؤولى كرة القدم المصرية تسابقوا فى جمع تبرعات لأهالى أسر البلطجية الذين يريدون هدم استقرار المحروسة مصر، الاتحاد المصرى ماديا، وزارة الرياضة ماديا ومعنويا، مجلس الوزارء ماديا، ونادى الزمالك ماديا ومعنويا، لدرجة تصل إلى تشكيل لجنة لإرسال أسر وذوى المتوفين لأداء مناسك العمرة! أول مرة فى حياتى أجد بلطجية يعيشون على ضرب استقرار البلد يتسابق الجميع على تكريم أسرهم بهذا الشكل، إلا إذا كانت هناك أشياء أخرى ظهرت على السطح لا نعلمها نحن، وكلها فى أيدى العدالة الموقرة المصرية، وإذا كان تقرير الطب الشرعى أعلن فى حيثياته أن الوفاة نتيجة التدافع والاختناق فأين هم البلطجية من المصريين الغلابة الذين تيتمت أسرهم ومات أولادهم وفقدوا أعز ما يملكون فى كارثة مروعة مسؤول عنها كل من له علاقة بقطاع كرة القدم؟

أتمنى قبل أن نلقى التهم جزافًا على أبنائنا وأسرنا وما دمنا نقول إن هناك نيابة وقضاء شامخًا وعادلا -وهو الشىء المؤكد الذى يستند إليه أهالى وأسر الشهداء- فعلينا بالتريث، السؤال وإذا كان هناك بلطجية أين دور الدولة فى الحفاظ على أولادنا من هؤلاء الشرذمة الذين يسعون فى الأرض فسادا دون رقيب أو حسيب والناتج وفاة فتاة وطفل وشباب فى عمر الزهور؟ وسؤالى الثانى هل شاهدتم جنازة الضحايا؟ اللهم أرحمنا برحمتك واعف عنا وعنهم، اللهم تغمدهم بواسع رحمتك، اللهم ما اجعل السكينة على قلوب أسرهم.. يارب العالمين أمين أمين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف