الصباح
حسام عباس
لا للإسلام السياسى
رغم قناعتى التامة بأن الحياة كلها، وليس السياسة فقط فى حاجة للدين لكن قناعتى أيضا أنه لا ينبغى أن يرتدى أحد ثوب الدين، وهو يلعب فى ميدان السياسة مدعيًا أنه يملك الحقيقة، ومحتكرًا الحديث باسم السماء لأنه سيكون أشبه بمن يرتدى ثوبًا جميلًا، وينزل به بركة مياه راكدة فيها الكثير من الملوثات ولابد سيعلق بالثوب نصيبًا من تلك الملوثات ولو أن دعاة الدين صادقون بالفعل فى حبهم للدين لابتعدوا به عن السياسة ليظل فى مكانته السامية الراقية النظيفة... لقد قتل عثمان بن عفان وقتل علىّ بن أبى طالب وقبلهما قتل الفاروق عمر بن الخطاب وهم من الخلفاء الراشدين، وصحابة رسول الله من الصفوة المقربين لكن هل قتلوا لدينهم أم قتلوا لأنهم حكموا البلاد والعباد فاختلف عليهم الناس ؟! .. هل يعلم كثيرون أن أحد المشاركين فى قتل عثمان بن عفان هو (محمد) ابن خليفة رسول الله الأول أبى بكر الصديق.. قتله لأنه اختلف معه كحاكم سياسى وليس كرجل دين.. فلم يكن لمحمد بن أبى بكر أو لغيره أن يختلف على إيمان عثمان لكنه اختلف مع الحاكم السياسى.. وهكذا حدث مع علىّ بن أبى طالب وغيره على مر التاريخ.. هنا يكون الخلاف على السياسة وليس الدين.. كذلك (مع فارق التشبيه) كان الخلاف مع محمد مرسى وجماعة الإخوان فلم يكن خلافًا على الدين، ولكنه خلاف سياسى تمامًا فالمصريون يحبون دينهم وعندما عزلوا مرسى وجماعته لم يعزلوا الدين، ولكنهم حموه من جماعة فاشلة مجرمة أساءت للإسلام وشوهته... إن من بين أزمات أمة الإسلام المزمنة، هو خلط الناس بين الدين وبين المتدينين فالدين على كل حال، مقدس نقى ناصع البياض أما المتدين مهما كانت درجة إيمانه فهو بشر، وكل البشر خطاء حتى الرسل والأنبياء أخطأوا فليس هناك شخص أو جماعة مقدسة مهما كان ما تدعيه من تمسك بتدين شكلى أو حتى حقيقى.. وما بالنا، وقد كانت التجربة قاطعة وحاسمة عندما وصلت جماعة عاشت أكثر من 85 عامًا تحلم بالحكم، والتمكين وتحتكر لنفسها الخطاب باسم الدين وتقول بأنها تملك الحل باسم الإسلام لكنها عندما وصلت للحكم كان الفشل سريعًا، وواضحًا للقاصى والدانى، فهل نقول فشل الدين أم اللذين تاجروا بالدين ؟!.. هل نقول فشل الإسلام أم فشل الإخوان ؟!.. لو أن الجماعة كانت صادقة بالفعل ومتمسكة بمصلحة الدين لخرجت وأعلنت أنها فشلت كجماعة سياسية وليس دينية لتبرئ الإسلام من تهمة الفشل أمام العالمين لأن مليارات البشر فى العالم لم ولن يقولوا إنها جماعة سياسية فشلت وثار عليها شعبها، ولكن يقول فى الغالب فشل الإسلام، وفشل الحكم الإسلامى .. فأين الدين وأين التدين ؟!.. الأكيد أنها جماعة كما قلنا مرارًا وتكرارًا دون تجنى عليها خانت الدين، وضحت به لمصالحها الدنيوية مثلها مثل كل الجماعات التى تقاتل الآن باسم الدين وتدعى أنها تجاهد فى سبيل الله.. ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية يأتى التيار السلفى ليعيد نفس خطأ جماعة الإخوان ويكرر الجريمة فى حق الدين.. الأزمة هنا أن هناك من يصر على استخدام الدين والتجارة به وليس خدمة الدين، فالفرق كبير بين من يخدم الإسلام لوجه الله بالدعوة والموعظة الحسنة، وبين من يستخدم الإسلام لمصلحة دنيوية باكتساب منصب، أو مال، أو كرسى فى البرلمان!!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف