الأخبار
اللواء أ.ح.سيد غنيم
مصر روسيا .. المصالح تحكم
توجه الأسبوع الماضي كل من الرئيس المصري والعاهل الأردني وولي عهد أبوظبي إلي موسكو بناءً علي دعوة بوتين لحضور فعاليات معرض «ماكس» للطيران والفضاء خلال المدة من 25 إلي 30 أغسطس.. بوتين (وأحييه علي ذلك) قام بمهام وظيفة «مطور أعمال» لشركات الطيران والفضاء الروسية، حيث (من موضعه كرئيس لروسيا) دعا نظراءه الزعماء أو من ينوب عنهم ومعهم وفودهم من العسكريين والمتخصصين المُفوضين بالرأي لاختيار الأسلحة والمعدات والأجهزة التي تتناسب مع حاجة بلادهم في القطاعين المدني والعسكري، فيتم إتخاذ القرارات الفورية بالشراء بوجود أصحاب القرار بالمعرض بدلاً من ضياع الوقت والفرصة التي قد لا تتكرر بسهولة.
لا شك أن تواجد الزعماء الثلاثة قد عمل علي دعم موقف بوتين في الشرق الأوسط،خصوصاً مع احتمال اتجاه بلاده لمنعطف صعب أمنياً وإقتصادياً بعد إتفاقية الغاز المصرية القبرصية والتي قد تؤثر بشدة علي سيطرته المطلقة علي (حنفية) الغاز لأوروبا.. فضلا عن بدء حلف الناتو في التخطيط لحماية مصادر الطاقة في البحر المتوسط والذي قد يشمل محطات تسييل الغاز المصرية وهذا بالطبع ضد التوسع العسكري الروسي في البحر المتوسط والذي ضم شبه جزيرة «القرم» خصيصاً من أجله.. ناهيك عن أن تفاقم حدة الإرهاب في الشرق الأوسط قد يُصبح شوكة جديدة قوية في ظهر روسيا بعد «طالبان».
الرئيس السيسي في خامس لقاء له مع الرئيس بوتين استمر في خطوات التعاون الاستراتيجي بين البلدين، مصر والتي تُعد أحد أهم القوي الإقليمية الخمس في الشرق الأوسط،وروسيا أحد أهم دول القوي العظمي الخمس عالمياً.. حيث سعي السيسي لتأكيد وإستثمار ما تم التوصل إليه بينهما من قبل (إقتصادياً) مثل قرار بناء محطة نووية مصرية بخبرات روسية في الضبعة، والتطلع لإنشاء منطقة صناعية روسية في منطقة قناة السويس، واستمرار تصدير القمح الروسي لمصر، والصادرات الزراعية المصرية لروسيا بعد امتناع الدول الأوربية عن تصدير منتجاتها الزراعية لروسيا وكله بالروبل والجنيه، فقد أصبحت مصر مسئولة ضمن ثلاث دول بأن تقوم بزيادة صادرتها الزراعية لروسيا بنسبة (30%) وبما بعادل حوالي (4) مليارات جنيه وذلك حسب الإتفاق المبدئي بينهما خلال زيارته لروسيا منذ عاموهذا أمر مبشر، أزعم أن الحكومة المصرية قد استعدت لهذه الزيادة بالفعل؟فمن المؤكد أنها أستثمرت عاماً كاملاً متخذة خطواتها الفعلية بإرسال اللجان للتعرف علي احتياجات السوق الروسي، وتدبير الشتلات والثلاجات والمعدات ووسائل النقل اللازمة لتصدير تلك المنتجات الزراعية طبقاً للبروتوكول المصاغ بينهما.
كما أن هناك أبعادا سياسية وعسكرية وأمنية للقائهم الخامس تضمنت الاستمرار في تنوع مصادر السلاح المصري، وذلك بجانب الاستمرار في تدريب الكوادر العسكرية المصرية وإستعادة كفاءة اللأسلحة والمعدات الروسية بالجيش المصري.. فضلاً عن دراسة الوضع الأمني المتردي في سوريا، وطبيعي أن يمتد النقاش للموقف في العراق واليمن وليبيا وموقف الإرهاب بالمنطقة والإطار العام للقضاء عليه، وكذا دراسة الوضع الإيراني وعلاقاته الأمريكية الروسية،مما يدعم استمرار التعاون الأمني مع روسيا.
نعم، تتقاعس الإدارة الأمريكية في محاربة الإرهاب،ورئيس هيئة الأركان المشتركة يري أن الحرب علي الإرهاب ليست الحل الصحيح للقضاء عليه، فوجود الإرهاب في المنطقة يزيد من رواج السلاح الأمريكي بها، ولكن هل ستصبح روسيا بديلاً حقيقياً عن أمريكا في المنطقة؟ هل ما زال المحللون الإستراتيجيون يعتقدون أنه قد آن الآون لترك أحضان الشيطان الأمريكي والإرتماء في أحضان عدوه اللدود الدب الروسي؟ ألا يعلمون أنه في الوقت الذي فيه العديد من الأزواج المفترقين بسبب العمل ولا يستطيعون اللقاء ولو مرة واحدة خلال (3) أشهر، نري أن وزيري الخارجية الروسي والأمريكي قد ألتقيا مرتين خلال أيام قليلة، الأولي في 31 يوليو بقطر والثانية في 5 أغسطس بماليزيا؟! ألا يعلمون أن وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» قد حصلت مسبقاً علي إمكانية شراء المعدات والخدمات من مصانع الصواريخ والأجهزة الفضائية الروسية من أجل ضمان مشاركة الولايات المتحدة في برنامج المحطة الفضائية الدولية؟!
يجب أن نعتاد تقبل الحقائق كما هي دون مبالغة فعلاقات الدول تبني علي مصالح الدول وليس صداقة أو عداوة رؤساءها.. فالتهويل يقابله التهوين، وهما مصيبة مجتمعنا المصري والعربي، ولا بديل عن الموضوعية، فبها نصل لأهدافنا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف