الأهرام
علاء الديب
.. يارا.. وكل الفراشات
الشاعر محمد رياض أصدر ديوانه الثانى بعد «الخروج فى النهار» الديوان الذى حاول فيه التمسك بحلم الأيام الخالدة التى عاشتها الثورة فى ميدان التحرير: «يارا» هو الديوان الجديد الذى رصد فيه الشاعر حالة الحيرة والقلق الذى يعيشه جيل يناير من أجل المحافظة على القيم التى من أجلها سقط الشهداء ودخل كثير من المناضلين والثوار السجون والمعتقلات، لإصرارهم على الحلم بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية.
صدر «يارا» الديوان الثانى هذا العام عن «دار روافد» فى إهداء من الشاعر لروح الشهيدة شيماء الصباغ، وقد خص «يارا سلام ورفاقها» بالقصيد الكبير الذى يحمل الديوان اسمه، ويشكل قلب الديوان وروحه.
يعرف محمد رياض جيدا وظيفة الشعر الجديد ودوره السياسى والاجتماعي، خاصة فى ظروف مقاومة قوى الثورة المضادة، التى تحاول سلب هذا الجيل حلمه الطاهر بالتغيير وبناء مصر الجديدة: فيرصد إلى جوار قصيدته المحورية »يارا« لحظات فاجعة فى تاريخ السنوات الخمس التى مرت منذ يناير: حادث شهداء استاد بورسعيد، وحادث عربة الترحيلات، وحادث استشهاد الجنود بدم بارد، فى ثلاثة هوامش ملحقة بالقصيد الكبير.

استطاع الشاعر فى ديوانه الجديد أن يجد صوته الخاص القوى داخل تجارب قصائد النثر الكثيرة المتنوعة. صوت صادق نقى خال من الافتعال أو التصنع. كلمات صريحة مباشرة تملك الروح والعقل والقلب. تحمل القلق والأمل والأصرار والحب للحياة والبلد والعدل والحرية.

يخاطب »يارا سلام والرفاق« يقول:

أرفعى وجهك لكى تهدأ الكوابيس التى تعذبنا

أديرى عينيك لنعرف هل بإمكاننا أن نعيش

لحظة من النقاء والحقيقة

كيف تخيلنا أن بامكانك أيها العالم أن تصير حرا

وأنت تخطف منا حبيباتنا

وكل براءة الكلمات.

أبعثر حلمى فى الهواء

فيعود إلى كالرصاصة.

المعجزات تموت

الأساطير وحدها تبقي

فى نغمة حزينة ينادى على الشهداء والمناضلين الذين اعتقلوا بلا مبرر ومازالوا أقوياء صامدين:

أحلامنا لم تعد سوى رماد

تثيره العربات لدى مرورها

فيستقر فوق أحذية العابرين

نومى مزدحم بالميتين

حزنى لم يعد شاهقا

الدموع لا تصلح للكتابة

الانتحار ليس حلا

الجناة يتعانقون فى نهاية العرض

والجريمة تنحنى لتحية الحضور

أنت آخر النساء فى وطني

والعالم لم يعد يثير تأملاتي

وشغفى وكراهيتي

كان محمد رياض يسأل فى أول الديوان: إذا عذبوك فكيف أخبئ عارى وثورتى مهشمة الملامح؟

الزنزانة أوسع من حيواتنا

وأنت لا تنتمين سوى للهواء

مساء الخير أيها الموت

مساء الخير أيتها الحرية

أيها الشعر كيف لم تجعلنى سعيدا؟

سجل الديوان الصغير الجميل لحظة دقيقة فى تاريخ البلد دون مزايدة أو صوت زاعق:

أديرى عينيك لنعرف هل بإمكاننا أن نعيش

لحظة من النقاء والحقيقة
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف