الأخبار
جلال دويدار
هـــل يمكـــن تفعيـــل الالتـــزام بزيادة ساعات عمل الموظفين؟ (2)

مواجهة أزمة تكدس أجهزة الحكومة بالموظفين كانت دافعاً للجوء إلي مقترح جريء وغريب. هذا المقترح يقضي باختصار أيام العمل للموظفين لتكون ثلاثة أو أربعة أيام بدل خمسة أيام. هذا المقترح يتضمن زيادة ساعات العمل اليومية إلي جانب تنظيم نوبات وبما لا يؤثر علي ساعات العمل المقررة قانوناً حالياً. ما أخشاه هو أن لا أحد سوف يأخذ بهذه الزيادة في ساعات العمل علي ضوء تجربة خفض أيام العمل من ستة ايام لخمسة أيام. ما حدث ان لا أحد التزم بزيادة ساعات العمل بتعويض هذا اليوم الإجازة.
حول هذه الأزمة التي تشغل الدولة المصرية هذه الأيام يحضرني الحديث الذي كان قد دار بين الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في أنقرة مع الرئيس التركي الأسبق ديميريل في حفل العشاء. في هذا اللقاء سأل الرئيس مبارك ديميريل عن عدد موظفي الدولة التركية - التي يتساوي تعدادها مع تعداد سكان مصر - رد ديميريل علي الفور بأنهم في ذلك الوقت أي في عام بداية الألفية الثالثة أنهم في حدود 400 ألف موظف.
بعد سماع هذا الرقم سكت الرئيس مبارك والدهشة تعلو وجهه قبل ان يفاجأ بالرئيس التركي يسأله عن عدد موظفي الدولة المصرية. تجنباً للخجل أو الكذب عمد الرئيس المصري إلي »الغلوشة»‬ والدخول في موضوع آخر حتي لا يفزع مستضيفه التركي بالرقم الذي كان في حدود الـ ٦ ملايين موظف!!
ما ذكره الرئيس التركي يعني ان موظفي الدولة التركية يساوون أقل من ٨٪ من عدد موظفي الدولة المصرية. لا يخفي أنه وفي ظل هذا الاختلاف الكبير كان طبيعيا ان يصل دخل الموظف التركي إلي ثلاثة أو أربعة أضعاف مرتب زميله المصري.. من ناحية أخري فإن ذلك يعني ان بقية العمالة التركية وعلي ضوء انخفاض معدلات البطالة وجدت فرص عمل مريحة في المشروعات الخاصة التي تشمل جميع الأنشطة.
من المؤكد ان مقترح تخفيض ايام عمل الموظفين سوف يكون له عوائد وفوائد اقتصادية واجتماعية وإدارية. انه ولا جدال سوف يوفر علي الدولة ما يستهلكه هؤلاء الموظفون الذين لا يمارسون أي عمل وهو ما يحمل الدولة اعباء مالية ثقيلة. يدخل في ذلك تخفيف أزمة المرور وما يترتب عليها من تكلفة مالية وضغوط أخري علي الدولة.
خفض وجود الموظفين سوف يساهم في إنجاز الخدمات والأعمال حيث إن التكدس يعد عاملاً معوقاً للعمل. ليس من فاعلية لهذا الإجراء إذا لم تكن هناك متابعة ورقابة وتطبيق حاسم لمبدأ الثواب والعقاب.
من جانب آخر فلابد من العمل بالجدية الواجبة في فتح الابواب بالتسهيلات والتحفيز للتشجيع علي إقامة المشروعات الخاصة. هذا يحتم تغيير ماهو مطلوب من قوانين وتشريعات والضرب بيد من حديد علي أي موظف أو مسئول في الدولة يتعمد تعطيل هذا التوجه.
كل هذا يتطلب ان تكون هناك مشاركة جادة ومسئولية محورها الحس الوطني من جانب الإعلام والمؤسسات الدينية والتعليمية لدعم اي تحرك من جانب القيادة السياسية في الدولة نحو هذا الهدف. إنه ولا جدال يمثل جزءاً اساسياً من الإصلاح وعملية بناء مصر الحديثة.
وللحديث بقية
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف