الأخبار
جلال عارف
في الصميم .. إنهم لا يتعلمون أبداً!
عندما نقرأ في ملفات ثورة يوليو، ونحن نحتفل بعيدها السادس والستين. ندرك أن جماعة »الأخوان»‬ لم تكن الوحيدة التي لم تستوعب الدرس جيدا ولم تتعلم من التاريخ ما ينبغي أن تتعلمه »‬!!» ونعرف أن جماعات أخري وقوي عديدة في الداخل والخارج كانت وظلت مثل الإخوان.. لا تقرأ الواقع ولا تتعلم من التاريخ، وتكرر الخطأ، وتصر علي الخطيئة!!
نفس المنهج الذي سار عليه »‬الاخوان» مع ثورة يوليو كرروه مع ثورة يناير واستمروا فيه حتي الآن. في يوليو ٥٢ اختفي المرشد ولم ينطق الإخوان بكلمة مع »‬الحركة المباركة» للضباط الاحرار إلا بعد أن غادر الملك المخلوع الاسكندرية في ٢٦ يوليو.. وبعدها بدأوا في التصرف مع قادة يوليو علي أنهم مجموعة من المغامرين سيتمكن »‬الاخوان» من ترويضهم ثم إزاحتهم والسيطرة علي الحكم ليكون الصراع الذي انتهي بمحاولتهم اغتيال عبدالناصر التي كان فشلها إعلانا بهزيمتهم.
مع ثورة يناير، كرروا نفس السيناريو. كانوا قد عادت لهم الحياة بعد خطأ مصالحة السادات لهم الذي عاقبوه عليه باغتياله »‬!!» وبعد سياسات خاطئة في التعامل معهم علي مدي أربعين عاما مكنتهم من التواجد واختراق مؤسسات المجتمع ليكرروا المحاولة مع ثورة يناير، وليتمكنوا من استغلال الموقف والوصول للحكم وليدخلوا في صراع مفتوح مع مصر كلها كانت نتيجته المحتومة هي إسقاط الشعب لهم في ٣٠ يونيو، وليكون عام حكمهم الاسود شهادة بحقيقة الجماعة الخائنة، بعد أن سقطت عنها كل الأقنعة.
لكن الحقيقة أن الاخوان ليسوا وحدهم الذين لم يتعلموا الدرس، والذين يكررون الخطأ!!.. واذا نظرنا حولنا في منطقة تغلي بالصراعات سنري قوي عديدة تكرر أخطاءها تجاه مصر، وتنضم إلي العديد من القوي في الداخل التي تسير علي نهج الإخوان في ألا تقرأ التاريخ، وألا تتعلم منه!!
>> في الداخل.. سوف نري حزب الفساد الذي مارس النهب للمال العام لسنوات وكان أحد أسباب خروج الملايين طلبا للعدل والكرامة في يناير.
كما كان أسلافه قبل ثورة يوليو سبباً في سقوط النظام، ودافعا لتحرك الضباط الاحرار ليكونوا طليعة ثورة أصبحت إحدي أعظم ثورات العصر بعد أن قضت علي هذا الفساد وفتحت أمام مصر كل الأبواب لكي تتحرر وتنهض وتبني دولتها الحديثة.
حزب الفساد الذي سقط مرة ثانية، بعد أن استعاد عافيته في ظل الانقلاب علي يوليو منذ السبعينيات.. يتصور أنه قادر علي أن يتجاوز ثورة يناير واستكمالها في يونيو، وأن يعيد عهده غير السعيد رغم الضربات الهائلة التي يتلقاها الآن.
وربما لهذا السبب نجد - حتي الآن - هذا التقاعس غير المبرر عند »‬البعض» عن المشاركة في جهود التنمية، وهذا التوجه عندهم للاستثمار في الخارج بدلا من الاستثمار داخل الوطن - رغم الاستجابة لكل مطالبهم وتوفير المناخ الذي يتيح لهم أفضل العوائد لاستثماراتهم!!.. وكأنهم يكررون ما فعله أسلافهم مع ثورة يوليو، ولا يدركون ما أكده شعب مصر علي الدوام من أنه قادر علي تخطي الصعاب مهما كانت وأن مصلحة الوطن في النهاية هي التي ستنتصر!!
>> وفي الخارج.. تبدو قوي عديدة وكأنها تسير علي درب »‬الأخوان» في ألا تقرأ التاريخ وألا تتعلم منه!!
الذين راهنوا علي »‬الاخوان » بعد ثورة يوليو هم أنفسهم الذين راهنوا عليهم بعد يناير، ودعموهم - في مواجهة شعب مصر وجيشها - بعد ٣٠ يونيو.
والذين فرضوا الحصار الاقتصادي والسياسي علي مصر بعد ثورة يوليو، هم أنفسهم الذين منعوا السلاح عن جيش يقاتل الإرهاب بعد ٣٠ يونيو.وهم الذين وقفوا مع عصابات الإرهاب في ضرب السياحة ومنع تدفق الاستثمار.
والقوي الاقليمية التي لم تتوقف عن التآمر علي مصر ومحاولة حصار دورها العربي وامتدادها الإفريقي وتأثيرها في المنطقة والعالم بعد ثورة يوليو، هي نفسها التي تبذل كل جهدها الآن لكي تنفذ مخططاتها في المنطقة مستغلة حالة الضعف العربي بعد أن غاب الدور المصري لسنوات طويلة استغلها الأعداء أفضل استغلال.
إنهم لا ينسون أن ثورة يوليو هي التي قادت حركة التحرر الوطني في العالم العربي، وهي التي ساعدت ثوار افريقيا علي تحقيق استقلالهم، وهي التي أنهت الاستعمار القديم عندما انتصرت في بورسعيد عام ١٩٥٦ وهي التي تصدت للاستعمار الجديد بوجهه العسكري أو السياسي أو الاقتصادي، وهي التي استعادت قناة السويس من مغتصبيها وفتحت الباب أمام كل الدول المقهورة لتسترد ثرواتها المنهوبة.
لا ينسون ذلك، ولا يغفرون هزائمهم أمام شعوب كانت ثورة يوليو بالنسبة لهم هي المثال والعون والسند العظيم. وهم لا ينسون أيضا أنهم استطاعوا في سنوات الغياب للدور المصري الفاعل بعد ذلك أن يحققوا الكثير مدت ايران نفوذها إلي حيث استطاعت في الوطن العربي واستعادت تركيا أوهام إحياء السلطنة العثمانية في أرض العرب، ويريد الكيان الصهيوني »‬بدعم أمريكي مطلق» أن يفرض النهاية التي يتخيلها لنضال شعب فلسطين من أجل استعادة أرضه وإقامة دولته وتحرير »‬ قدسه» الأسيرة.
كلهم مثل الإخوان - لم يتعلموا الدرس!!
لم تكن ثورة يوليو إلا تعبيرا عن حقيقة مصر. كانت قيمتها الحقيقية أنها استوعبت روح الحركة الوطنية المصرية وجسدت مطالبها، وأنها وحدت الشعب لتحقيق هذه المطالب.. وبعيدا عن زعامات رحلت أو أنظمة تغيرت، فإن كل ما يجري حولنا يؤكد أن أعداءنا مثل الاخوان لا ينسون ولا يتعلمون.
وأن مصر تعرف أن قدرها أن تواجه كل هذه التحديات، وأن تنتصر عليها كما انتصرت في يوليو.. وكما ستنتصر دائما علي أعداء قد يغيرون اللافتات لكنهم لا يغيرون من استهدافهم لمصر.
لا يحتاج الأمر لجهد شديد نظرة واحدة تقول إن أعداء يوليو هم أنفسهم اعداء يناير قبل أن تسرق، وأعداء يونيو وهي تستعيد الثورة والمسار.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف