حين خرجنا إلى الشارع فى 30 يونيو قبل خمسة أعوام كررنا الهتاف الذى رددناه دوماً «يسقط يسقط حكم المرشد» لم نقصد الرئيس الذى كان يحكم باسم الإرهابيين فقط وإنما قصدنا المنظومة بكل عناصرها من أفكار إلى تنظيم إلى نظام حكم.

30 يونيو ثورة حقيقية بكل معانى الكلمة العلمية والشعبية فقد أسقطت نظام حكم بكل عناصره من رموز ومؤسسات وأيديولوجيا وثقافة ومصالح اجتماعية وتوجهات سياسية، كان يستهدف إقامة دولة جديدة فى مصر بديلة لكل ما كان قائماً، وبمعنى آخر دولة خارج السياق التاريخى للوطن، وتمكن الشعب من إسقاط هذا النظام البديل وتأسيس وإقامة نظام وطنى مختلف فى كل توجهاته الوطنية والاجتماعية والسياسية والفكرية والثقافية.

لم تقتصر ثورة 30 يونيو على ميادين عامة فى بعض المحافظات، إنما امتدت لكل مدن مصر وقراها، فى العاصمة والوجه البحرى وصعيد البلاد، فى كل الشوارع والأحياء، حتى كبار السن انتظموا فى دورهم على أرائك أسفل منازلهم فى مشهد غير مسبوق فى تاريخ البلاد.

ما لم يفهمه البعض حتى الآن عن ثورة يونيو، أنها ثورة شعبية أطلق فيها المصريون نداء الوطن للحفاظ على دولتهم الوطنية صاحبة التاريخ العريق، فاستجاب لها جيش الشعب فى مشهد يراه من قرأ تاريخ مصر، وهو مشهد تكرر فى لحظات محددة عبر التاريخ يتحرك فيها جيش مصر انحيازاً للمطالب الشعبية وليس لأفكار ومصالح أفراده وقياداته.

أزالت الثورة عقبات عدة من طريقها داخلياً وإقليمياً ودولياً، وما زالت تواجه عقبات كثيرة، وكلما حققت نجاحات وإنجازات تواجه المزيد من المشاكل والعقبات، وما أصعب أن تواجه تصورات دولية لها عناصرها وأدواتها الداخلية مثل الجماعة الإرهابية التى ارتضت لنفسها دور العميل الخائن المساعد للمخططات الدولية فى استثارة الأوضاع الداخلية نظير احتضان هذه المخططات له ورعايته والحفاظ عليه.

ثورة يونيو ستظل قائمة طالما ظلت القوى المساندة للدولة الوطنية متماسكة، لذلك هى ثورة لا نهاية لها إلا بزوال الدولة الوطنية، هى لم تكن ثورة على طبقة اجتماعية، ولا انتفاضة ضد نظام حكم، وإنما ثورة استردت وطناً كان مسروقاً واستعادت دولة كادت تنهار، وأى خلاف فى صفوف أنصار الدولة الوطنية هو خلاف فى سياق الحركة الوطنية وليس خروجاً عن الدولة.

فى المناسبة الخامسة للثورة ما زلنا نخوض حربنا ضد الإرهاب، نحن فى أشد الاحتياج إلى ذاكرة مؤسسية تطرح على الشعب فى كل لحظة جرائم الإرهاب والإرهابيين ولن نحقق ذلك إلا بتأسيس متاحف جرائم الإرهاب فى كل مدن مصر.