بوابة الشروق
عماد الدين حسين
رأى خبير رياضى كبير
قبل أيام تلقيت اتصالا هاتفيا من شخصية رياضية كبيرة، معلقا على نتائج منتخبنا القومى لكرة القدم فى مونديال كأس العالم بروسيا، والذى عاد منه بصفر كبير، حيث انهزم فى مبارياته الثلاث.

الشخصية الكبيرة هو خبير أصلى، وليس من «النوع المضروب» المنتشر هذه الأيام. هو مارس الرياضة منذ كان طفلا، ومثل مصر فى مسابقات دولية وإقليمية وعربية كثيرة، وحصل على العديد من الجوائز والبطولات، وكان عضوا بالعديد من الأندية والاتحادات الرياضية، وبالتالى فعندما يتكلم، ينبغي ان ننصت له ،فهو لا يفتى، بل يتحدث عن تجربة وخبرة عريضة.
الرجل قال لى إن مستوانا من الأساس سيئ، بل فى بعض الأحيان نلعب بجهد يفوق مستوانا الحقيقى. ضرب مثلا بطريقة لعبنا أمام أوروجواى، حيث بذل بعض اللاعبين جهدا كبيرا أعلى من جهدهم الفعلى. لكن وبسبب هذا الجهد الزائد يمكن أن يخطئ أى شخص، كما حدث لأحمد فتحى فى مباراة روسيا، حينما أدخل الكرة فى مرمانا فى المباراة الثانية أمام روسيا.

فى تقدير هذا الخبير الرياضى، فأن المسألة أكبر بكثير من جهد اللاعبين. معظمهم فعلا أدى ما عليه وربما أكثر فى حدود إمكانياتهم. ولكنه يسأل: هل خذلهم المدرب كوبر فى مباراة السعودية، حينما تركها تهاجمنا معظم الوقت، رغم أننا هاجمنا أوروجواى طوال الوقت وروسيا طوال الشوط الأول، أم أن هناك تقصيرا شخصيا من بعض اللاعبين؟ ثم يسأل أيضا كيف يمكن تبرير مستوانا السيئ أمام السعودية، التى تلقت ستة أهداف فى مباراتين؟!.

الخبير الرياضى الكبير ذكرنى بأنه اتصل بى قبل بداية المونديال، وتوقع الا نحقق شيئا،وقال لى إنه باستثناء محمد صلاح تقريبا، فإن بقية اللاعبين مستواهم شديد المحلية. قد يتألق أحدهم فى دورى محلى أو خليجى، لكنه يظل محليا، وبالتالى فتلك هى الخامة الموجودة، وكان مطلوبا أن نشجع أكبر عدد من اللاعبين على الاحتراف فى دوريات أوروبية.
الخبير يتساءل: هل كوبر جيد فعلا لأنه أوصلنا كأس العالم فى حين أن مستوانا سيئ ،والدليل أننا صعدنا «بطلوع الروح»، ولم نحرز إلا هدفين من ضربتى جزاء طوال ٢٨ سنة قبل مباراة السعودية، أم أنه محدود القدرات، وانكشف فى هذه المسابقة على الرغم من أن مجموعتنا هى الأضعف؟!.

هو يقول من الواضح أن كوبر فشل فشلا ذريعا فى تطوير وتنمية قدرات اللاعبين، كما فعل حسن شحاتة الذى فاز ببطولة أمم إفريقيا ثلاث مرات واستخرج أفضل ما فى اللاعبين من مهارات وروح ووطنية. وأن شحاتة كان محظوظا لأنه كان يلعب عمليا بمنتخب الأهلى الذى جهزه مانويل جوزيه، الذى لم يكن مجرد مدرب ذكى، بل نجح فى تكوين شخصيات للاعبين.
يلوم الخبير الرياضى على الصحافة المصرية، خصوصا الرياضية، لأنها بالغت فى كل شىء، خصوصا بعد مباراة الكونغو. كان يفترض بوسائل الإعلام أن تعمل بصورة مهنية، حتى لا تضخم الآمال والأحلام، وبعدها يحدث الإحباط الكبير الذى شعر به الجميع!.

لكن اللوم الأكبر يوجهه هذا الخبير الرياضى الكبير إلى اتحاد الكرة. فى تقديره أنه فى معظم قراراته لايزال يعمل بمنطق الفهلوة الذى مارسته اتحادات كثيرة سابقة له. وبعضها كان يتستر خلف الانتصارات والبطولات الإفريقية. لكن فى عصر السوشيال ميديا لم يعد ممكنا إخفاء الأخطاء والاخفاقات صغيرة كانت أم كبيرة.

فى تقدير هذه الشخصية الرياضية الكبيرة، فإنه من الخطأ البارز أن يتمترس الاتحاد خلف شعارات فارعة، وأنه إذا أخفق فعليه أن يتحمل المسئولية بشجاعة، مادام كل المصريين دعموه بكل الصور والأشكال قبل انطلاق البطولة.

هذا الاتحاد ــ كما يقول الرياضى الكبير ــ أخفق بصورة فادحة فى العديد من الأمور شكلا ومضمونا وتخطيطا. الأمر هنا لا يتعلق بفوز أو هزيمة، بل بالشكل والأداء العام والصورة التى تركها أمام الرأى العام العالمى. المصريون كانوا يتوقعون على الأقل الأداء المشرف، لكنهم فوجئوا بقصص وحكايات مريرة تسيئ لصورة مصر.

يختم الرجل كلامه بالقول: بالطبع هناك منظومة عامة تحكم الرياضة فى مصر، هى غير احترافية وبها العديد من الثغرات منذ وقت طويل،واخطر الامراض هي الشللية،التي تحكم الرياضة ،وبعضها يدمر كل ما له صلة بالرياضة واخلاقياتها .واليوم ربما تكون هناك فرصة لإصلاح هذه المنظومة، اذا عالجنا هذه الامراض ،حتى لا تتكرر الأخطاء مرة أخرى فى أقرب بطولة نخوضها سواء كانت فى مجال كرة القدم، أو غيرها من الرياضات.

هذا كلام الخبير، وأتمنى أن يصل لمن يهمه الأمر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف