المصرى اليوم
مصطفى محرم
راحة المحارب
شقيقى الأكبر اللواء أركان حرب أحد أبطال حرب أكتوبر أحمد محرم الذى اشترك فى جميع الحروب التى خاضتها مصر فى عهد عبدالناصر واشترك فى حرب أكتوبر، حيث كان قائد كتيبة فى نفس اللواء الذى كانت به كتيبة المشير طنطاوى فى ذلك الوقت، وبعد أن انتهت خدمة شقيقى العسكرية خلد إلى راحة المحارب حيث تفرغ لقراءة الكتب التى تزخر بها مكتبته الضخمة فى شتى العلوم والآداب والفنون: فهو الآخر لديه ثقافة موسوعية لا تجدها إلا عند القليل من المثقفين حتى إنه يستطيع أن يتحدث فى شتى الموضوعات.
وقد خصصنا يوم الجمعة من كل أسبوع للقاء لكى أستفيد من علمه ويستزيد هو الآخر من علمى وتكون بيننا مناقشات لو جرى تسجيلها لاستفاد منها من يقومون بالتدريس فى كليات الجامعات فى مصر.

المهم أن شقيقى الأكبر هذا لإشفاقه الشديد مما أكتبه أحياناً فى السياسة طلب منى أن أكف عن كتابة هذه المقالات السياسية خوفاً من أن تسبب لى المشاكل، خاصة أن زوجتى طلبت منى هذا بعد أن استشعرت ما قد يحدث.

طلب منى شقيقى فى لهجة حانية أن أعود إلى كتابة المقالات فى جريدة الأهرام بالذات، وعندما سألته عن سبب تمسكه بجريدة الأهرام فإن جريدة «المصرى اليوم» أوسع انتشاراً أخبرنى بأن زملاءه وأصدقاءه من لواءات الجيش كانوا يتابعون ما أكتبه لأنهم من قراء الأهرام وكانوا يبدون له إعجابهم، فكان هذا يشعره بالزهو والتقدير لى، والغريب أن هذا ما كان يحدث مع أصدقائى من السفراء زملائى فى قسم اللغة الإنجليزية وهم من أفضل السفراء الذين خدموا مصر فى الخارج فكانوا يتابعون ما أكتبه فى جريدة الأهرام ويقومون بالاتصال بى ويعبرون لى عن إعجابهم بكتاباتى خاصة الصديق العزيز السفير حمدى ندا الذى لم يكف عن إعجابه بما أكتبه منذ أن كنت أكتب القصص القصيرة وأنا طالب فى قسم اللغة الإنجليزية، وعندما أخبرته بأننى تركت الكتابة فى صفحة الرأى فى جريدة الأهرام لبعض مضايقات بعد أن تركها الصديق العزيز محمد أبوالفضل دمث الخلق، والذى يعلم تماماً قيمة وقدر من يكتبون فى هذه الصفحة، فطلب منى الصديق صلاح دياب، حيث كنا فى عزاء أحد أصدقاء عمرى الناقد السينمائى سمير فريد أن أكتب أو بمعنى أدق أن أعاود الكتابة فى جريدة «المصرى اليوم» فلبيت طلبه.

كتبت فى عودتى إلى «المصرى اليوم» بعض المقالات تعتبر فى رأيى على هامش السياسة وضح فى بعضها كراهيتى للعهد الناصرى وكتبت مقالاً أناشد فيه بكل وضوح أعضاء «الجمعية التاريخية المصرية» أن يقوموا بالكتابة عن عهد عبدالناصر كتابة علمية موضوعية، حيث يراعون فيها ضمائرهم أمام الله والوطن والتاريخ، ويبدو أن هذا قد أثار قلق الناصريين، فكتب الدكتور جمال شقرة مقالاً «تحصيل حاصل» لا طعم له وقيل لى إن هناك من ثارت وماجت وكتبت مقالاً من حسن حظها أننى لم أقرأه ولكن الصديق عبدالرحمن فهمى كفى عنى شر القتال، ويحدونى الأمل بأن كل شىء سوف ينجلى عن هذه الفترة المرعبة التى داهمت مصر وسوف يعرف جميع المصريين ما كان يدور فى عصر الظلمات وفيلم «الكرنك» شاهد على ذلك هو الرواية التى كتبها نجيب محفوظ ومسلسل «بنت أفندينا» شهادة موثقة كتبته بعد معرفتى لأبطال المسلسل فالحقيقة لا تموت.

وبالفعل وجدت نفسى أقتنع بما طلبه شقيقى اللواء أركان حرب أحمد محرم بأن أعطى لنفسى راحة تماماً مثل راحة المحارب، وأعود إلى الكتابة فى مجال الفن والأدب وأخشى أن يزعج هذا الصديق العزيز طارق الشناوى.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف