الكورة والملاعب
سمير الجمل
‬ابعد‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الفيلم‭!!‬
أن‭ ‬تنظر‭ ‬إلي‭ ‬الأفلام‭ ‬وما‭ ‬فيها‭ ‬علي‭ ‬أنها‭ ‬تسلية‭ ‬بريئة‭ ‬يحتاجها‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬الاعياد‭ ‬فانت‭ ‬بذلك‭ ‬تظلم‭ ‬التسلية‭ ‬والبراءة‭.. ‬وقبل‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭ ‬تظلم‭ ‬اسرتك‭ ‬ونفسك‭.. ‬إذا‭ ‬تعاملت‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬علي‭ ‬انها‭ ‬افلام‭.. ‬ودعني‭ ‬اجعلك‭ ‬تنظر‭ ‬إلي‭ ‬الموضوع‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬مختلفة‭ ‬بعيدا‭ ‬عما‭ ‬تحتويه‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬من‭ ‬قبح‭ ‬وعنف‭ ‬وانحطاط‭.. ‬ويكفيك‭ ‬فقط‭ ‬ان‭ ‬تتابع‭ ‬تلك‭ ‬الإشارة‭ ‬التي‭ ‬يعرضونها‭ ‬للترويج‭ ‬لها‭.‬
لكني‭ ‬أدعوك‭ ‬أن‭ ‬تسأل‭ ‬نفسك‭: ‬هل‭ ‬الذي‭ ‬نراه‭ ‬أمامنا‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬من‭ ‬انحدار‭ ‬في‭ ‬الذوق‭ ‬العام‭ ‬وارتفاع‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬والبلطجة‭ ‬والتحرش‭ ‬وغياب‭ ‬القيم‭.. ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬هبط‭ ‬علينا‭ ‬فجأة‭ ‬وحده‭.. ‬ام‭ ‬انه‭ ‬نتاج‭ ‬لأسباب‭ ‬عديدة‭ ‬منها‭ ‬بالتأكيد‭ ‬لأن‭ ‬التسلية‭ ‬أيضا‭ ‬مشروعه‭.. ‬فاذا‭ ‬كان‭ ‬تبسمك‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬أخيك‭ ‬صدقة‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بمن‭ ‬يضع‭ ‬لك‭ ‬ابتسامة‭ ‬في‭ ‬اطار‭ ‬فني‭ ‬اعتمد‭ ‬علي‭ ‬الخيال‭ ‬والابتكار‭ ‬وحتي‭ ‬لو‭ ‬قدمها‭ ‬ابتسامة‭ ‬مجردة‭ ‬للضحك‭ ‬فقط‭ ‬فلا‭ ‬بأس‭.. ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬تعتمد‭ ‬علي‭ ‬موقف‭ ‬لا‭ ‬يسخر‭ ‬من‭ ‬عاهة‭ ‬أو‭ ‬علة‭ ‬أو‭ ‬مرض‭ ‬او‭ ‬نقص‭.. ‬لكن‭ ‬يرصد‭ ‬العيوب‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬منها‭ ‬انسان‭.. ‬وشتان‭ ‬بين‭ ‬رصد‭ ‬العيوب‭ ‬ومحاولة‭ ‬علاجها‭.. ‬وبين‭ ‬تعرضة‭ ‬الشخص‭ ‬وكشف‭ ‬سترة‭ ‬والتوغل‭ ‬في‭ ‬خصوصياته‭..‬
أفلام‭ ‬العيد‭ ‬الكبير‭ ‬لا‭ ‬أبالغ‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬كلها‭ ‬تستحق‭ ‬‮»‬الذبح‮«‬‭ ‬المعنوي‭.. ‬لأن‭ ‬أضرارها‭ ‬واسهامها‭ ‬في‭ ‬افساد‭ ‬الذوق‭ ‬العام‭ ‬واشاعة‭ ‬البلطجة‭ ‬وارساء‭ ‬مفاهيم‭ ‬الصياغة‭ ‬والانحراف‭ ‬في‭ ‬قوالب‭ ‬براقة‭.. ‬خاصة‭ ‬انها‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الاول‭ ‬موجهة‭ ‬إلي‭ ‬الاعمار‭ ‬من‭ ‬14‭:‬25‭ ‬سنة‭.. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬البطالة‭ ‬وتأخر‭ ‬سن‭ ‬الزواج‭.. ‬تصبح‭ ‬المسألة‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الخطورة‭.. ‬هذه‭ ‬النماذج‭ ‬المشوهة‭ ‬التي‭ ‬تتسابق‭ ‬السينما‭ ‬في‭ ‬تقديمها‭ ‬بحجة‭ ‬انها‭ ‬تنقل‭ ‬الواقع‭ ‬وهو‭ ‬جهل‭ ‬بالغ‭.. ‬لان‭ ‬مهمة‭ ‬الفن‭ ‬اعادة‭ ‬صياغة‭ ‬الواقع‭.. ‬وليس‭ ‬نقله‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬وكما‭ ‬نعيشه‭ ‬مهمة‭ ‬الفن‭.. ‬ان‭ ‬يكشف‭ ‬لنا‭ ‬مواطن‭ ‬الشر‭ ‬والقبح‭ ‬لكي‭ ‬نتمسك‭ ‬اكثر‭ ‬بالخير‭ ‬والجمال‭.. ‬ومن‭ ‬يفعل‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬فهو‭ ‬يحتال‭ ‬علي‭ ‬الناس‭.‬
ثم‭ ‬دعني‭ ‬أسألك‭: ‬لو‭ ‬أن‭ ‬تجارة‭ ‬المخدرات‭ ‬اختفت‭ ‬تماما‭ ‬من‭ ‬حياتنا‭.. ‬هل‭ ‬كانت‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الافلام‭ ‬تقدم‭ ‬وجبتها‭ ‬المعتادة‭ ‬من‭ ‬الاقراص‭ ‬والحشيش‭ ‬والخمور‭ ‬وإذا‭ ‬اختفت‭ ‬المخدرات‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬للدعارة‭ ‬ان‭ ‬تستمر‭..‬؟‭!‬
وإذا‭ ‬استيقظنا‭ ‬ذات‭ ‬صباح‭ ‬ولم‭ ‬نجد‭ ‬مدخنا‭ ‬واحداً‭ ‬علي‭ ‬ظهر‭ ‬الوطن؟‭.. ‬فهل‭ ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬سنجد‭ ‬منحرفا‭ ‬أو‭ ‬مجرما‭ ‬يفعل‭ ‬ما‭ ‬يفعل‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬مخدرا‭ ‬وغائبا‭ ‬عن‭ ‬الوعي‭..‬
انها‭ ‬منظومة‭ ‬متكاملة‭ ‬السيجارة‭ ‬تفتح‭ ‬الباب‭ ‬للمخدرات‭.. ‬ثم‭ ‬بعدها‭ ‬يستمر‭ ‬الشيطان‭ ‬في‭ ‬نشاطه‭ ‬بالجنس‭.. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬يأتي‭ ‬العنف‭ ‬لأن‭ ‬صاحب‭ ‬المزاج‭ ‬المنحرف‭ ‬يحتاج‭ ‬دائما‭ ‬وابدا‭ ‬إلي‭ ‬المال‭ ‬بأي‭ ‬وسيلة‭ ‬ومهما‭ ‬كان‭ ‬الثمن‭.‬
لذلك‭ ‬اسألوا‭ ‬انفسكم‭: ‬هل‭ ‬الذي‭ ‬يتصدي‭ ‬لإنتاج‭ ‬هذه‭ ‬الافلام‭ ‬فلوسه‭ ‬حلال؟‭.. ‬أم‭ ‬انها‭ ‬من‭ ‬الاموال‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬غسلها‭.. ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬السينما‭.. ‬لفتح‭ ‬الباب‭ ‬امام‭ ‬كل‭ ‬انواع‭ ‬الانحرافات‭ ‬وهي‭ ‬تجارة‭ ‬تعود‭ ‬علي‭ ‬اصحابها‭ ‬بالمليارات‭ ‬والاخطر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬النماذج‭ ‬المريضة‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬ان‭ ‬تتبني‭ ‬أو‭ ‬تنتج‭ ‬او‭ ‬تفكر‭.. ‬أو‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬أوطانها‭ ‬لانها‭ ‬مغيبة‭ ‬لذلك‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬من‭ ‬يروج‭ ‬لأفلام‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬مجرم‭ ‬ومتهم‭ ‬بهدم‭ ‬قيم‭ ‬المجتمع‭.. ‬وثوابته‭ ‬انها‭ ‬مؤامرة‭ ‬مستمرة‭ ‬علي‭ ‬عقول‭ ‬ووجدان‭ ‬الشباب‭.. ‬وامامنا‭ ‬نماذج‭ ‬لمطربين‭ ‬تراهم‭ ‬في‭ ‬ملبسهم‭ ‬ومسكنهم‭.. ‬اشباه‭ ‬رجال‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يشغلهم‭ ‬المظهر‭ ‬الناعم‭ ‬المخنث‭ ‬لترويجه‭ ‬وتأتي‭ ‬هذه‭ ‬الافلام‭ ‬لتكمل‭ ‬المهزلة‭.. ‬باستثناء‭ ‬بعض‭ ‬اعمال‭ ‬قليلة‭.. ‬ولذلك‭ ‬من‭ ‬الصحيح‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬بأن‭ ‬الشارع‭ ‬يجني‭ ‬ما‭ ‬تزرعه‭ ‬السينما‭ ‬وليس‭ ‬العكس‭ ‬كما‭ ‬يردد‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬يحاولون‭ ‬النصب‭ ‬والاحتيال‭ ‬علي‭ ‬الناس‭ ‬باسم‭ ‬الفن‭!‬
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف