اليوم السابع
أحمد ابراهيم الشريف
الأفاضل.. عنترة بن شداد.. لا تسقنى كأس الحياة بذلة
أن تشاهد فيلم «عنترة بن شداد» بطولة فريد شوقى وكوكا شىء، وأن تقرأ رواية «أبو الفوارس عنترة بن شداد» التى كتبها محمد فريد أبوحديد شىء آخر، وهو ما حدث لنا فى الصف الأول الثانوى.


وكنت منذ سنوات قليلة قد كتبت مقالة عن «عنترة ابن شداد العبسى» لخصت فيها إحساسى بالرجل، وقلت عنه هو «النموذج العربى الأشهر، فى أن يملك الرجل قدره ويصنع مستقبله، لم يعترف بالقيود ولا بالظروف المحيطة، وآمن بأن الإنسان يحمل قدره وأن قلبه وأفعاله هما ميزان وجوده فى هذا العالم».

وأضفت «تكمن قيمة عنترة فى «حريته» وإصراره عليها، فهو يقف بقوة بجانب الشخصيات العالمية فى هذا الشأن، مثل سبارتاكوس الذى سعى لتحرير العبيد، وإبراهام لينكولن وغيرهما، فعنترة ابن شداد قاتل بكل السبل كى يصبح حرًا يملك إرادته، ومن هذا المنطلق تعددت أسلحته التى استخدمها فى إثبات ذاته، ومنها:
الشجاعة فى الحرب: فهو الرمز الملقب بأبى الفوارس، حيث قال:

سيذكرنى قومى إذا الخيل أقبلت وفى الليلة الظلماء يفتقد البدر
قول الشعر: والشعر سيد كلام العرب ولا يليق إلا بالسادة من أبنائه، خاصة أن قصائد عنترة كانت ممتلئة بالفخر، وهنا يجب الإشارة إلى أن عنترة غيَّر فى معجم الفخر وحوله إلى الفخر بالذات بعد أن كان يتعلق بالعائلة وبما لا يملكه الإنسان، كما حرص «عنترة» أن تكون قصائده فى وضع مميز لا مجرد أن يكتب الشعر، لذا فإن معلقته الشهيرة التى مطلعها:

هل غادر الشعراء من متردم.. أم هل عرفت الدار بعد توهم
دخلت فى عيون الشعر وأصبحت واحدة من المعلقات السبع، والتى يروى أنها كانت تكتب بماء الذهب وتعلق على أستار الكعبة.

«الحب»: دليل الإنسانية الأشهر، رمز رقة القلب وصفاء النفس، فعنترة يعلِّم «السادة القاهرين» أنه «إنسان» يدرك ظلمهم وقسوتهم، وأن عليهم أن ينظروا إلى قلبه، وعندما أحب «عبلة» ابنة أحد أسياده، خاض فى سبيل هذا الحب الصعاب، كى يؤكد قدرته على تحمل المسؤولية:
هلا سأَلْتِ الخَيـلَ يا ابنةَ مالِـكٍ إنْ كُنْتِ جاهِلَةً بِـمَا لَم تَعْلَمِـى
يُخْبِـركِ مَنْ شَهَدَ الوَقيعَةَ أنَّنِـى أَغْشى الوَغَى وأَعِفُّ عِنْد المَغْنَـمِ
ثم ربط كل ذلك بقيم وأخلاق أحب أن تكون معروفة عنه كى تصبح صورته عند النخبة والعامة كما يريد هو أن تكون، ومن أخلاقه احترامه لأعدائه وانتماؤه لقبيلته، وبامتلاكه لهذه الأسلحة أصبح ندًا للسادة، واستحق فى النهاية أن ينال حريته، ويتحول إلى رمز فى تاريخ العربية، ويدخل فى دائرة الأساطير ويصبح جزءًا من التراث الرسمى والشعبى للعرب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف