الجمهورية
عبد القادر شهيب
مقاومة الهيمنة بالطريقة المصرية
في كتاب "مصر العثمانية والتحولات العالمية" تقول مؤلفته نيللي حنا : كان سقوط الدولة العباسية عام 8521حدثا مهما اثر علي المنطقة كلها لقد كان تحولا كبيرا في الجغرافيا السياسية تأثر به سكان مناطق عدة . ولم يقف تاثيره عند السياسة فقط بل شمل الثقافة . والنظرة نحو العالم واللغة وطالت نتائجه ايضا الحياة الدينية .. ويشرح الكتاب ذلك بقدر من التفصيل فيقول : ظهر بوضوح التوجه نحو المحلية كذلك في الحياة الدينية والكتابات التاريخية . بل حتي في بعض نواحي الفقه .. صار المحلي. أي المصري اكثر حضورا ودخلت اللغة هذه الحلبة . حيث تعاظم استخدام اللهجة المحلية في النصوص المكتوبة وأخذت مكانة الاولياء المحليين تزداد وتحل محل مكانة الخليفة كمركز للحياة الدينية في مناطق عديدة من العالم الإسلامي وتم انشاء مزارات وأضرحة في مناطق حضرية وريفية لاولياء محليين وصارت هذه المزارات أساسية في حياة الناس في تلك المنطق وشهدت فترة التحول هذه عددا من أشهر الاولياء المحليين في مصر عمر بن الفارض وإبراهيم الدسوقي واحمد البدوي وأبو الحجاج الأقصري وغيرهم كثير ومع الوقت تزايدت اعداد الاولياء والأضرحة بشكل كبير وفي دراسة قامت بها كاترين ما يؤمر ونيقولا ميتشيل حول منطقة الدلتا استطاعا ان يحددا نحو 100 ولي في 37 قرية من قري الدلتا وحازت بعض هذه المزارات شهرة واسعة ومازالت هذه المزارات محافظة علي تلك المكانة حتي اليوم مثل مقام السيد البدوي بمدينة طنطا . ومقام ابو الحجاج الأقصري بمدينة الأقصر.پ
اما في مجال الفقه فقد طاله التغيير مصريا ايضا وابرز مثل علي ذلك تغير المذهب المنفي عندما اعتبر العرف ضمن مصادر التشريع والشخص الذي ارتبط اسمه بذلك كان ابن نجيم المصري المنفيپ
وهكذا انتهزت مصر سقوط الدولة العباسية لتحمي اجتماعيا وثقافيا هويتها الوطنية الخاصة بها لدرجة انها فرضت شخصيتها وهويتها الوطنية علي الحياة الدينية ايضا والفقه الديني ايضا . رغم انه يجمعها مع العديد من الدول دين واحد وهذا يعني ان مصر كانت تقاوم بكل السبل المتاحة فرض الهيمنة الأجنبية عليها ووجدت ان أفضل سلاح في هذا الشأن هو الحفاظ علي هويتها الوطنية الخاصة بها التي تشكلت عبر آلاف السنين ولعل هذا يفسر كيف لم ينجح اي احتلال اجنبي في فرض هويته علي مصر رغم اننا تعرضنا لسيطرة واحتلال عدد من الدول.پ
ولذلك عندما ترفض مصر اليوم وتقاوم فرض هيمنة اي دولة عليها الان فإنها لا تفعل شيئا جديدا او غريبا وانما هي تفعل ذات الشيء الذي ظلت دوما تفعله طوال التاريخ.. أي الحفاظ علي هويتها الوطنية.. وهذا هو سبب انتفاض الملايين في 30 يونيو ضد حكم الاخوان الفاشي والمستبد . فقد خشوا تشويه هويتهم الوطنية التي فرضوها علي الجميع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف