الأهرام
د/ شوقى علام
رمضان شهر الانتصارات
أسبغ الله تعالى على شهر رمضان ما شاء من الفضل والمنح فجعل زمانه ميقاتا لأداء فريضة الصوم وتقوية الإرادة والعزيمة وتزكية النفس وتهذيب الأخلاق، وأنزل في أوقاته المباركة القرآن الكريم والصحف السماوية الأولى، وهي كتب الهداية والفرقان، قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)[البقرة: 185].

كما أيَّد المسلمين المجاهدين بالنصر والفتح المبين في الملاحم والحروب التي حافظت على حوزة هذا الدين الحنيف وبلاده بما ضمن استمرار شروق شمس الإيمان على العالمين، وذلك لتحققهم في هذا الشهر المبارك بأسباب الفوز والظفر من الامتثال لأمر الله تعالى والتصديق الخالص له ومجاهدة النفس ومخالفة العوائد والرغبة في ثوابه الأوفى وجزائه الأكمل الذي كشف عنه صلى الله عليه وسلم حين ذكر شهر رمضان أمام أصحابه الكرام فقال: “شهر كتب الله عليكم صيامه، وسننت لكم قيامه، فمن صامه وقامه إيمانا واحتسابا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه». وما كان هذا التوفيق الإلهي والنجاح الباهر للمسلمين على الأعداء الطامعين في مقدرات المسلمين ومكتسباتهم والمهددين لاستقلالهم وأمانهم واطمئنانهم إلا بأنهم تحلوا بالعزيمة الصادقة والإرادة القوية والمحافظة على أنفسهم من الانحدار في الاستعباد للشهوات والانسياق وراء المغريات، وهي سمات مكتسبة من الصوم الذي يشترط في أدائه أن يكونَ إيمانًا واحتسابًا مع إقامة واجبات هذه الشعيرة الإيمانية وسننها وآدابها، وهذه الضوابط والآداب تورث التعلق بالله تعالى ومراقبته على الدوام، وتبث لدى الصائمين التحقق بأسباب القوة وعلو الهمة والانتصار على شهوات النفس.

والمتأمل في قرون التاريخ المتعاقبة يجد أن أغلب ملاحم المسلمين وانتصاراتهم قد وقعت في شهر رمضان المبارك، ابتداء من معركة بدر الكبرى (2هـ / 624م)، ومرورًا بسرايا الصحابة الكرام وفتح مكة (8 هـ/ 631م)، والقادسية (15هـ/ 636م)، وفتح الأندلس (92هـ/ 711م)، وموقعة حطين (584هـ/ 1187م)، ومعركة عين جالوت (658هـ/ 1260م)، وانتهاءً بنصر أكتوبر المجيد في العاشر من رمضان (1393هـ/ 1973م). ولايزال المسلمون في هذه الأيام خاصة جنود مصر البواسل الذين يستلهمون نفحات شهر رمضان وروح الانتصارات فيه، مازالوا يقدمون التضحيات الخالدة ويعدون العدة مع همة عالية في مواجهة حقيقية مع نبت خبيث ووافد جديد يعمل وفق أساليب حركية متطورة، لإحياء فكر الخوارج القديم القائم على التكفير والعنف في هيئة جديدة وثوب جديد. وذلك يجعلنا نستلهم روح انتصارات شهر رمضان ونفحاته الربانية في هذه الحرب المقدسة التي تقوم بها القوات المسلحة والشرطة المصرية على كافة الاتجاهات الاستراتيجية للوطن دفاعًا عن الدين والوطن مع استدعاء بشارة ونصرة الله تعالى لرسوله الواردة في قوله تعالى: (سيهزم الجمع ويولون الدبر)[القمر: 45].
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف