المصرى اليوم
ياسر أيوب
الخواجة جيمس ماكراى
لا أزال أواصل التقليب فى صفحات كتاب تاريخ كرة القدم فى مصر.. وأتوقف اليوم أمام الخواجة الاسكتلندى جيمس ماكراى، الذى كان أول مدرب حقيقى للمنتخب المصرى، وأول مدرب محترف أيضا، بمعنى أن التدريب هو وظيفته الأساسية والوحيدة أيضا.. وكان اتحاد الكرة، برئاسة جعفر باشا والى، قد تعاقد مع ماكراى استعدادا للمشاركة المصرية فى دورة أمستردام الأوليمبية عام 1928.. ومن الجميل التوقف الآن أمام منهج التعامل مع هذا المدرب الأول فى تاريخ المنتخب المصرى.. فالرجل كان لاعبا فى عدد من الأندية الاسكتلندية، ثم لعب فى إنجلترا لنادى وست هام، ثم مانشيستر يونايتد.. وكان تدريب منتخب مصر هو وظيفته الأولى بعد اعتزال اللعب.. وأقام المدرب الجديد فى لوكاندة موراى على نفقة اتحاد الكرة..
وانفردت مجلة المصور بأول حوار مع ماكراى، كان أهم ما جاء فيه أنه زار الأهلى والزمالك والترسانة ولايزال يريد زيارة السكة الحديد والسفر إلى الإسكندرية وبورسعيد لأنه يريد لمصر منتخبا قويا دون التأثر بأى شهرة أو جماهيرية أى نادٍ.. كما قال ماكراى أيضا إن المصريين لا يعرفون بعد وظيفة الجناح لأى فريق وهو خطأ لابد من تداركه، كما لابد أن تتخلص الكرة المصرية من عشوائيتها.. وبعد أيام قليلة بدأ أول صدام بين اتحاد الكرة والمدرب الجديد.. فقد جاء ماكراى إلى مصر لممارسة مهنة عرفها فى أوروبا ولم يكن يدرى أن لمصر الكروية رؤية مختلفة تماما لنفس الوظيفة.. ففى عام 1928 كان تدريب الكرة لا يزال مهنة جديدة تماما فى مصر.. ووظيفة غامضة أيضا لم تتضح بعد تفاصيلها وحدودها.. ولهذا كان الاتحاد يجتمع ويختار لاعبى المنتخب دون الرجوع للممرن ماكراى .. ولم يكن القصد هو تجاهل الرجل وإهانته.. فاتحاد الكرة.. وكل الأندية المصرية وقتها أيضا.. كانوا على قناعة كاملة بأن اختيار اللاعبين هو مهمة مجالس الإدارة وليس أبدا مهمة أى مدرب.. وأغلب الظن أن المسؤولين كانوا يتصورون أن ترك مهمة اختيار اللاعبين ليقوم بها غيرهم سيعنى انتقاصا من سلطاتهم ومن مكانتهم أيضا.. وقد بدأت هذه المهنة تتضح تفاصيلها بالتدريج ويوما وراء يوم.. وعلى الرغم من تهديدات ماكراى المتكررة بالرحيل إن تدخل أى أحد فى اختيار لاعبى المنتخب.. إلا أنه استسلم فى النهاية بعدما أدرك أن مهمته الأولى ليست تدريب المنتخب المصرى وإنما هى شرح معنى ووظيفة مدرب الكرة لكل المصريين .. وعلى الرغم من نجاح ماكراى فى قيادة المنتخب المصرى للفوز بالمركز الرابع فى دورة أمستردام الأوليمبية، ثم التأهل لمونديال إيطاليا 1934.. إلا أن الصحافة الرياضية المصرية وقتها لم تكن تهتم بسؤال مدرب المنتخب عن أى أداء أو نتيجة.. الأسئلة كلها كانت للمسؤولين والمديرين .. حتى إنه من الصعب العثور على أى حوار حقيقى مع ماكراى، سواء بعد دورة أمستردام أو مونديال إيطاليا.. لكن يبقى الإنجاز الحقيقى لجيمس ماكراى هو نجاحه أخيرا فى أن تعترف مصر أخيرا بوظيفة اسمها مدرب كرة قدم.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف