المصرى اليوم
طارق الشناوى
أبوبكر شوقى فتح الأبواب المغلقة أمام الشباب!
عاشت مصر وهى تحلم بجائزة ينالها فيلم (يوم الدين) أول إخراج لأبوبكر شوقى، الشريط السينمائى أحدث حالة من النشوة العارمة فى قصر المهرجان عند عرضه لأول مرة فى بداية الفعاليات، وحظى بالتصفيق المتواصل، إلا أن هذا لم يكن كافيا لكى نضمن أن لجنة التحكيم التى ترأسها كيت بلانشيت ستتوجه فى نهاية الرحلة إليه بجائزة.

حصل الفيلم على جائزة موازية تحمل اسم الصحفى الراحل (فرانسوا شاليه) للعمل الفنى الذى ينطوى على قيم إنسانية، تيمة تقبل الآخر كانت واحدة من الرسائل التى حملها الفيلم، الإنجاز الذى حققه (يوم الدين)، فى تلك الومضة الدافئة التى تركها فى قلوب مشاهديه. المخرج يترقب عرض الفيلم جماهيريا، لا أتحدث قطعا عن إيرادات فهذا أقرب للأحلام، الناس ترفض عادة ما لم تألف، هناك دائرة من الجمهور لا شك سيصل إليها الفيلم، تلك الدائرة من المهم مع الزمن أن يتسع محيطها، الأهم أن التجربة فتحت الباب أمام العديد من المخرجين الشباب للانطلاق بأفلامهم إلى المهرجانات الكبرى.

أشعر بسعادة غامرة لفوز المخرجة اللبنانية نادين لبكى بجائزة لجنة التحكيم الخاصة عن فيلمها (كفر ناحوم)، شاركنا فى المهرجان لثانى مرة بعد قرابة خمسين عاما بفيلمين عربيين، وهى أيضا من الحالات النادرة التى نتوج فيها بجائزة من هذا المهرجان العريق، الذى منحنا جائزة سعفة ذهبية مرة واحدة فى منتصف السبعينيات للجزائرى محمد الأخضر حامينا عن (وقائع سنوات الجمر)، ولدينا أيضا رصيد من جوائز لجنة التحكيم الفلسطينى إيليا سليمان (يد إلهية) وقبلها مارون بغدادى (خارج الحياة)، ويوسف شاهين عن مجمل أفلامه.

الفيلم اليابانى الفائز بالسعفة (سارقو الدكاكين) ويحمل أيضا اسما آخر بالفرنسية (مسألة عائلية) إخراج هيرو كازو كورى إيد، يجعلك تتعاطف مع كل جرائم تلك العائلة الفقيرة، وكانت لجنة التحكيم قد عثرت على حل عبقرى يجنبها الصراع بين الفيلم اليابانى الذى يستحق السعفة، والفيلم الفرنسى (صورة الكتاب) للمخرج جان لوك جودار، الذى تواجد فى منطقة سينمائية لا تخضع للمنافسة، فكان الحل هو منحه سعفة ذهبية رمزية، موازية للسعفة وتحمل فى عمقها رسالة بأن المخرج الفرنسى الكبير الذى يقترب من عامه التسعين، لا ينافسه فيها أحد.

من الجوائز الهامة ما ناله الفيلم البولندى (الحرب الباردة) إخراج بافل بافليكوفسكى، الفيلم كان مرشحا بقوة للسعفة، جائزة الإخراج فى عمقها تنطوى على إشادة متكاملة بكل تفاصيل العمل الفنى.

أيضا مناصفة السيناريو لفيلمى (السعادة على طريقة لازاروا) و(3 وجوه) للإيرانى جعفر بناهى، وهى جائزة مستحقة لا علاقة لها بالضغوط السياسية التى يتعرض لها المخرج فى إيران وتحول دون سفره.

هناك توجه ما نسائى فكرى للتعاطف مع القضايا الاجتماعية ستجد أن العديد من الأفلام حملت هذا الإحساس، فى مختلف التظاهرات وعلى رأسها (نظرة ما) مثلا فيلم (الحدود) الدنماركى الفائز بجائزة أفضل فيلم والمخرج على عباسى الإيرانى الأصل فهو يتعاطف مع شخصيات تقف فى مرحلة متوسطة بين البشر والحيوانات، وليس أيضا صدفة أن الفيلم المغربى (صوفيا) الحائز على جائزة السيناريو لمريم بن مبارك، البطلة تبحث عن حقها فى نسب طفلها إليها رغم أنه مجهول الأب، أيضا الفيلم الفرنسى (فتاة) حيث يناصر الحرية فى اختيار الجنس الذى ينتمى إليه وحظى الفيلم بجائزة أفضل ممثل.

المهرجان ملىء بالقضايا التى تناصر المرأة والحريات بوجه عام، ليس فقط ما يجرى على الشاشة هو الهدف ولكن أيضا التظاهرات على سلالم المهرجان المدافعة عن حقوق النساء فى المساواة فى الأجور مع الفنانين الرجال، ومظاهرة أخرى للدفاع عن أصحاب البشرة السمراء، وتظل السينما هى الأنقى والأبقى مهما بلغت سخونة الأحداث داخل وخارج الأشرطة السينمائية، والمهرجان انحاز فى النهاية لسينما المعذبون فى الأرض!!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف