الأهرام
د/ شوقى علام
تأملات صائم .. أعمال شهر رمضان
يزداد إقبال المسلم على فعل الخير في شهر رمضان وتنشط عزيمته للأعمال الصالحة والعبادة؛ خشية التقصير عن الوفاء بحقوق الله تعالى، ومن أجل التعرض لنفحات الله تعالى المبثوثة في أوقاته المباركة؛ فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليه رمضان اجتهد في عبادة الله تعالى مخلصًا له الدين سبحانه، وذلك ليُعلِّم صحابته الكرام رضوان الله عليهم وأمَّتَه من بعدهم.
إن أفضل ما يتقرب المسلم به إلى الله تعالى في هذا الشهر الفضيل يكون بالمحافظة التامة على إقامة الفرائض والواجبات المطلوبة منه؛ كالصلوات الخمس على أوقاتها، والزكاة وبر الوالدين،وصلة الأرحام، خاصة الأقرب فالأقرب، وأداء مهام العمل وإتقان الكسب مع مراعاة شروط كل عبادة وآدابها حتى تقع صحيحة وتلقى القبول والرضا وجزيل المثوبة، لأن ذلك يُعَدُّ من أحب الأعمال إلى الله تعالى وأشد تقرباً، كما في قولِه صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربِّه تعالى: «ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه». وقد اختص الله تعالى شهر رمضان بأن جعل صيام نهاره فريضة ومحلًا لأداء ركن أصيل من أركان الإسلام مع تشريف زمانه بنزول القرآن الكريم فيه، قال تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه)، [البقرة: 185].
وعبادة الصوم مضاعفة في نفسها بالنسبة إلى سائر الأعمال، لأن جزاء الصائمين جعله الله تعالى خاصًّا به دون سائر الأعمال، كما في قول النبي: «كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف» قال الله عز وجل: «إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي». وهناك سُنَن خاصة بشهر رمضان وردت بها السنة النبوية القولية والعملية؛ كتعجيل الفطر وتناول الرطب أو التمر أو الماء، والحرص على السحور وتأخيره، وصلاة التراويح في جماعة، والاعتكاف، وإفطار الغير، وختم القرآن الكريم أو قراءة ما تيسر منه، والإكثار من النوافل والصدقة والإحسان للنفس وللغير والذكر وفعل المستطاع من أعمال البر والخير. وكما أن المسلم يطلب منه في حال صومه أن يمتنع عن تناول جميع المفطرات خلال نهاره، فيطلب منه أيضًا أن يمسك عن ارتكاب السلوكيات المذمومة، لأنه إذا لم يتخلَّ عن ذلك نقص أجر صيامه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: “من لم يدع قولَ الزور والعملَ به والجهلَ، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه”، وتؤكد جملة هذه الأعمال أن شهر رمضان يهدف إلى تربية الصائم على الأخلاق الحميدة والأمور الحسنة التي تُمكِّنه من التخلي عن الشهوات، والإكثار من الأعمال الصالحات، من أجل صيرورة الإنسان لأن يكون صاحب خلق عظيم يستصحبه معه طوال العام، فيكون رمضان بذلك بداية ميلاد جديد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف