الأهرام
وحيد عبد المجيد
اجتهادات .. برنامج مكشوف !
صحيحة فى مجملها الانتقادات التى وُجهت إلى البرنامج الانتخابى لحزب «العدالة والتنمية» الذى أعلنه الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضى. وصائبة، بالتالى، الصفات التى أُطلقها ناقدو هذا البرنامج عليه، مثل إنه خيالى، أو غير واقعى، أو مُفرط فى وعود يتعذر الوفاء بها. ولكن هذا البرنامج يمكن أن يوصف أيضاً بأنه مكشوف, أى يسهل كشف تهافته, وفهم أن المفارقات التى يحفل بها واسعة على نحو يتعذر تصديقه.

يتضمن برنامج أردوغان وعوداً براقة بشأن الوضع الاقتصادى والاجتماعى متجاهلاً التدهور الذى حدث فى السنوات الأخيرة منذ أن أصابه مرض الولع بالسلطة الأحادية المطلقة، وأبعد كل من يحظى بشعبية فى الشارع بمن فى ذلك أقرب قادة حزبه إليه، وفقد نظامه بالتالى أفضل العقول الاقتصادية. وازداد التدهور بعد أن اشتد هذا المرض عقب محاولة انقلاب يوليو 2016، والتعديل الدستورى الذى أعاد صياغة نظام الحكم واختزله فى شخص واحد، فى الوقت الذى تم تفريغ مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية من آلاف القادة والكوادر الذين اعتُقلوا أو أُبعدوا بدعوى علاقتهم بتلك المحاولة.

يخلو البرنامج من أى رؤية أو خطة لوقف التدهور الاقتصادى والاجتماعى لأنه لا يعترف بوجوده، ويقفز مباشرة إلى رسم صورة وردية يعرف الجميع، بمن فيهم أعضاء كتلة أردوغان النيابية وأنصاره الذين أعلن هذا البرنامج أمامهم، أنها خيالية.

ولذلك حاول التغلب على إحباط يبدو أنه شعر به بسبب قلة التصفيق، وغياب الحماس لدى الحاضرين، فطلب منهم التركيز معه. وربما كان إحباطه أكبر عندما لم يجد تفاعلاً مع حديثه عن الاستعداد لشن عمليات عسكرية جديدة فى سوريا والعراق، رافعاً الشعارات التى ترفع منسوب الحماس عادة لأنها تستثير المشاعر القومية.

يريد أردوغان من أنصاره أن يُصَّدقوا ما يقوله مهما يكن تعارضه مع الواقع الذى يعيشونه ولا يعرف أن أقصى ما يمكن أن يقدموه له هو إظهار اقتناعهم ببرنامجه، وخطابه، بعد أن أُبعد كل من كان يصارحه بالحقائق والوقائع. ولكنه لا يملك أن يجعل من يُظهرون اقتناعاً لضمان مصالحهم متحمسين، لأن الحماس يتطلب طاقة لا تتوافر بدون اقتناع حقيقى. وعندما يكون البرنامج مكشوفاً، والخطاب المرتبط به خياليا، لا يمكن لأردوغان أن يتطلع إلى أكثر من تأييد روتينى فاتر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف