الجمهورية
اللواء د. محسن الفحام
لغتنا الجميلة
تزايدت في الآونة الأخيرة حدة الجدل والمناقشات حول تعريب بعض المناهج الدراسية في المدارس التجريبية.. وفي ذات الوقت فقد تقدمت النائبة سولاف درويش عضو مجلس النواب بمشروع قانون لحماية اللغة العربية مما تتعرض له من انتهاك وطمس للهوية العربية.. وقد ناقش المجمع اللغوي هذا القانون وأشاد به وأشار إلي أن الحاجة أصبحت ملحة لإصدار تشريع للحفاظ علي لغتنا العربية من غزو اللغات الأجنبية وفرض استعمالها في مختلف المحافل والفضائيات والمؤسسات الإدارية والتربوية والتعليمية والإعلامية.. من منا لا يتذكر أساطين اللغة العربية في مصر أمثال طه حسين وأحمد شوقي والقائمة بطبيعة الحال مزدهرة بالقامات الكبيرة التي كان لها دور كبير في نشر الوعي والثقافة لدي جموع الشعب.. وكانت الفصحي حاضرة في ثورة 1919 وفي الكلمات الحماسية التي استخدمها الرئيس الراحل أنور السادات عندما أعلن بيان ثورة 1952.. ثم خطب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والتي كانت وقوداً يلهب مشاعر الشعب في مواجهة الاستعمار والعدوان الثلاثي علي مصر.
وفي الوقت الذي ننادي فيه جميعاً بإحياء لغتنا العربية جاءت زيارة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف إلي ثلاث دول في جنوب شرق آسيا شملت اندونيسيا وسنغافورة واختتمها بسلطنة بروناي حيث فوجئ فضيلته بالمستوي المتميز في اجادة اللغة العربية هناك وأعرب عن سعادته بذلك قائلاً : و"أعجز عن التعبير عن مشاعري حين سمعتكن تتحدثن بلغة عربية سليمة ومنضبطة أصبح من النادر أن نسمعها في مكان آخر.. وهذا يزيد عندي الثقة والاطمئنان بعد أن زال خوفي علي اللغة العربية".
أين نحن وأبناؤنا مما شاهده الإمام الأكبر في هذه الزيارة من حيث اجادة اللغة العربية.. بل والعمل بما جاء فيها من اعجاز لغوي وأخلاقي عندما أنشدوا له قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي مطلعها "قم في فم الدنيا وحيي الأزهرا.. وانثر علي سمع الزمان الجوهرا".
هذا حال اللغة العربية في دول تعلمتها مؤخراً أما حالنا هنا بلد الأزهر الشريف فنجد خريجي الجامعات يكتبون "صومن مقبول وافطار شهين".
بطبيعة الحال أنا لا أنكر ضرورة الإلمام باللغات الأجنبية الأخري فمن تعلم لغة قوم أمن شرهم.. ولكن أن نصل إلي أن تكون معظم أسماء المطاعم والمحلات والإعلانات التي تمتلئ بها شوارعنا باللغات الأجنبية.. وأن تكون اللغة الدارجة علي صفحات التواصل الاجتماعي غير مفهومة ما بين الحروف والأرقام وعلينا أن نلجأ إلي صغارنا لكي يترجموها لنا.. وأن يطلب عدم التحدث باللغة العربية في المدارس الخاصة منذ الدخول من بابها.. وأن ننتقد كل من يحاول الدعوة بالتمسك بلغتنا الجميلة.. لغة القرآن الكريم.. اعتقد أننا فعلاً أصبحنا علي مشارف الاغتراب الثقافي والاجتماعي والديني.. الذي سوف يؤدي بنا إلي ضياع الولاء والانتماء للوطن واعتقد أن هذا هو الهدف الأساسي الذي يريد أعداؤنا أن نصل إليه.
اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم ونحن علي أبواب الشهر الذي نزل فيه هذا القرآن "شهر رمضان المبارك" حيث تكثر قراءة القرآن الكريم والأحاديث الدينية والسيرة النبوية العطرة.. فلنجعل من هذا الشهر نقطة انطلاق وعودة مرة أخري إلي لغتنا الجميلة لغة "الضاد" لغة التفاهم والتناغم بين الأسرة الواحدة والوطن الواحد.. يجب أن نعلم أبناءنا أن الاستعمار الذي نجح في أن يجعل اللغة الفرنسية هي الأولي في الجزائر فشل في أن يجعل الإنجليزية هي اللغة الأولي في مصر برغم طول الفترة التي سيطر فيها علي مقاليد الأوضاع بها.. يجب أن نعلمهم أن الانتماء والولاء يبدأن من اللغة الواحدة في الوطن الواحد بكل طوائفه وعناصره.
نحن نناشد البرلمان إقراره قانون حماية اللغة العربية.. والأزهر الشريف بضرورة التنسيق مع التعليم لنشر صحيح اللغة العربية الميسرة بدون أي تعقيدات أو صعوبات إلي أطفالنا في مراحلهم التعليمية الأولي وأن يقوم الإعلام بدوره الوطني في العمل علي عودة الوعي الثقافي والتربوي والديني.
ولنتذكر معاً برامج "قل.. ولا تقل" و"لغتنا الجميلة" وغيرهما من الابداعات الإذاعية والتليفزيونية.
ألا.. هل قد بلغت.. اللهم فاشهد.
وتحيا مصر
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف