الوطن
محمود مسلم
«الوطن» .. أسلوب حياة
أقر أن قراءة مقالات زملائى بـ«الوطن» بمناسبة 6 سنوات على تأسيسه وما تضمنته من مشاعر وانطباعات وذكريات جميلة هى التى دفعتنى لأكتب هذا المقال وبالتالى أتوجه إليهم جميعاً بالامتنان.. كلمات الزملاء جعلتنى أستعيد ذكريات مرت عليها أكثر من 6 سنوات، حين دعانى الكاتب الصحفى العزيز مجدى الجلاد لبدء تجربة جديدة، وتشاورت مع مجموعة من الأصدقاء كلهم نصحونى بالرفض بل وخوفونى من المغامرة ولكنى قبلت التحدى، وزاد الأمر صعوبة بوصول عرض من المهندس صلاح دياب فى وجود الجلاد لتولى رئاسة تحرير «المصرى اليوم»، وقتها لم يأخذ الرد كثيراً، حيث كنت مشغولاً فى تقديم برنامج يومى «مصر تقرر» على قناة الحياة، وانحزت للتجربة الجديدة واستمرت جلسات التحضير فى أحد فنادق مدينة أكتوبر تستغرق أحياناً الاجتماعات 12 ساعة، وكلام فى كل التفاصيل من اسم الجريدة حتى هيكلها الإدارى والمالى من مجموعة بينها توافق مهنى كبير، الدكتور أحمد محمود، والدكتور محمود خليل، علاء الغطريفى، ميلاد زكريا، محمد المعتصم، هيثم دبور، أشرف عبدالغنى، بالإضافة إلى الجلاد وأنا.

كان زخم الشارع كبيراً والمنافسة الصحفية رهيبة وكانت أحلامنا تفوق الخيال.. دخلنا المعركة سريعاً مع وصول تنظيم الإخوان للحكم وبدأ الاستهداف.. عمليات تشويه.. مطاردة.. تهديدات، ووصل الأمر إلى محاولات حرق مقر الجريدة مرتين.. واستمرت المواجهة حتى رحل الإخوان وتشرفنا بأن كلمنى الصديق محمد عبدالعزيز، قيادى تمرد يوم 2 يوليو يطلب منى استضافتهم فى مؤتمر صحفى 3 يوليو اليوم المجيد فى حياة مصر، لأنهم لا يجدون مكاناً لعقد المؤتمر، فرحبت به وعرضت على «الجلاد» فوافق على الفور، وعندما عقد المؤتمر ونقله الموقع الإلكترونى لـ«الوطن» وأذاعته الفضائيات على الهواء واستهدفتنا كتائب الإخوان على السوشيال ميديا سباً وشتائم لعدة ساعات، حتى جاء صوت الفريق أول عبدالفتاح السيسى ببيانه الشهير، وحوله شباب تمرد وقيادات الدولة، لينشغلوا بما هو أهم، بينما مصر كلها تفرح فى الشوارع وانشغل عنا الإخوان قليلاً لكن الاستهداف ظل مستمراً، فقد كان نصيبى أن أقود العمل يوم الجمعة صباحاً ومساء فى الطبعة الثانية، وظلت مظاهرات الإخوان كل جمعة تحدياً أمامنا، حيث يقفون أمام المقر ليمارسوا الهتافات ضدنا أو ضرب الخرطوش على المبنى وكتابة الشتائم على الجدران.

ذكريات «الوطن» الجريدة ارتبطت بـ«الوطن» الأم، حيث عشنا أياماً وليالى محاصرين، والسهرات حدث بلا حرج، التى تصل إلى المبيت، فأصبحت الجريدة أقرب إلى مستشفى أو قسم شرطة تعمل 24 ساعة، واعتاد الشباب والكبار على ذلك دون كلل أو ملل أو طلب حافز أو مكافأة.

شباب «الوطن» كانوا وما زالوا هم الجنود الحقيقيين، بتبايناتهم السياسية والشخصية ومحظوظ من يعمل معهم، لذا كانت لحظة صعبة عندما ودعتهم بدايات عام 2015 لأشغل رئيساً لتحرير «المصرى اليوم».. رغم أنهم أكرمونى واحتفلوا بى كثيراً ما بين بروفايل ومقال لصديقى الرائع محمود الكردوسى، وحفل رقيق انتهى بدموع، وظل التواصل مستمراً طوال فترة عملى بـ«المصرى اليوم» سواء عبر السوشيال ميديا أو المكالمات أو حتى زيارات بعضهم لى، كما أنى لم أفتقد أخبارهم من خلال جلساتى الليلية مع الصديقين الدائمين، الدكتور أحمد محمود ومحمود الكردوسى.. وعندما غادرت «المصرى اليوم» وعدت رئيساً لتحرير «الوطن» شعرت بفرحة الكثيرين منهم، وكان هذا فى حد ذاته أكبر تحدٍ كيف تتعامل بمؤسسية مع ناس بكل هذا الحب والعشم، قابلت المهندس محمد الأمين وقعت على العقود ثم فوجئت به يسلمنى العقد قائلاً «سلمتك الأمانة.. حافظ عليها لصالح ومن أجل هذا البلد».. وانصرف.. وظللت منشغلاً ومتوجساً .. الظروف صعبة.. والمهنة تواجه تحديات كبيرة، لكن بعد ساعات ذاب كل ذلك مع أول جلسة مع صديقى القديم عبدالفتاح الجبالى، رئيس مجلس الإدارة، الذى تولى المسئولية قبلى بـ3 أشهر، وأجرى تغييرات مؤسسية عديدة.

«الوطن» أصبحت أسلوب حياة وليس مجرد وظيفة، فما بين جروبات العمل على الواتس آب مع بوست كل ثانية والاجتماع الشهرى واللقاءات الاجتماعية فى الأفراح والأحزان واللعب فى الدورة الرمضانية التى شاركت فيها ابنتى روضة العام الماضى، أصبحت أسرة «الوطن» لا تختلف كثيراً عن عائلتى.. وما بين الدور الثالث الذى يضم شباباً مليئاً بالحيوية والحماس والإبداع، أو الدور السادس الذى أصبح يتحكم فى قيادة الجريدة، بعد أن تراجعت الأخبار والسياسى اللذان قادا السنوات الأولى للجريدة فى الدور السابع، لصالح التحقيقات والرياضة والمنوعات والأخيرة، أما الدور الرابع فيظل الاقتصاد وحيداً بأرقامه وحساباته، وستظل قوة «الوطن فى ناسه» بشبابه وكباره، واندماج أجياله ومنحهم الفرصة الحقيقية لممارسة مهنية نظيفة، ولعل الجوائز التى حصدتها «الوطن» أفضل دليل على نجاحهم، ومقالاتهم الأخيرة أصدق تعبير عن كم سعادتهم، ويكفى كل من فى «الوطن» المقولة التى نقلتها زميلتى نادية الدكرورى صاحبة فكرة المقالات من زميل لم تفصح عن اسمه «المؤسسة دى بتجبرنا إننا نحبها أكثر».
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف