الأخبار
كرم جبر
رسالة «العودة إلي الجذور»
إنها مصر
حتي الطقس أضفي لمسات جميلة علي احتفالية »العودة إلي الجذور»‬ ولم تأت العاصفة الترابية، ولم تسقط الامطار.. واشرقت الشمس منذ صباح الاثنين، رغم تحذيرات الارصاد الجوية، واستمتع ١٥٠ ضيفا من اليونان وقبرص، بإستعادة ذكريات الحياة في الاسكندرية، في حضور رؤساء الدول الثلاثة وزوجاتهم.
شهادة كل من تحدث في الاحتفالية الكبري هي »‬مصر بلد الأمان»، تجولوا في شوارعها وزاروا الأماكن التاريخية، واستقبلتهم المدينة الرائعة بكل الحب والترحاب، وعكست كلمات الرؤساء الثلاثة، بعدا غائبا في العلاقات الدولية، هو التواصل الثقافي، الذي يضيف علي العلاقات السياسية والاقتصادية، سياجا ناعما يحميها من التغيير والتقلبات.
بين شعوب الدول الثلاثة قواسم مشتركة، اهمها التقارب الثقافي والحضاري والمصريين أقرب الشعوب إلي اليونانيين والقبرصيين، ومن عاش منهم في مصر، لم يشعر انه غريب أو أحد أبناء جالية اجنبية، وانما كأبناء البلد واليونانيين بالذات عشقوا مصر، ولهم فيها أعمال وممتلكات وذكريات منذ مئات السنين وقبل ثورة ١٩٥٢، كانت مصر هي الوطن الثاني لليونانيين، ومارسوا فيها معظم المهن، ولم يشعروا في يوم انهم غرباء. ولهم بصمات مميزة في الشوارع والازقة والمحال والمقاهي والاماكن التي عاشوا فيها.
كان من الضروري ان تحمي الدول الثلاث مصالحها المشتركة، ووضعوا حجر الاساس لذلك، في القمة الثلاثية التي عقدت بالقاهرة في نوفمبر ٢٠١٤، للتنسيق المشترك واستغلال ثروات شرق المتوسط، وكان الاتفاق بالفعل ضربة معلم، ووضع حدا لاطماع الدول التي أرادت ان تظل هذه القضية عالقة، ليكون لها نصيب في ثروات ليست داخل مياهها الاقليمية، وبدأت الانطلاقة الكبري لاستغلال حقل ظهر، وكان مستحيلا ان تقامر الشركات الكبري في ضخ مليارات الدولارات، في مناطق متنازع عليها.
رئيسا اليونان وقبرص يخاطبان الرئيس السيسي بـ»‬الصديق الصدوق». ويحملان لمصر وشعبها كل الاحترام والتقدير، فرئيس مصر لم ينقذها فقط من الارهاب، وانما أنقذ العالم كله، وكانت الاحتفالية رسالة للعالم، بأن مصر ليست الدولة التي تصورها وسائل الاعلام المعادية بشكل سلبي، فمن يمشي في شوارعها ويتمتع بجوها الرائع، يتأكد انها تمضي إلي المستقبل بخطي ثابتة، وتفتح ذراعيها وقلبها لكل شعوب العالم.
واستعادت الاحتفالية الكبري احاديث الذكريات، حين كان نصف سكان الاسكندرية من اليونانيين، أيام محمد علي باعث نهضة مصر الحديثة، وعندما كانت اليونان طاردة كانت مصر جاذبة، وعاشوا فيها مثلما يعيشون في بلدهم، ولكن تغيرت الأوضاع بعد ثورة يوليو ١٩٥٢، وهاجر اليونانيون إلي الدول التي وفرت لهم مناخا يشبه الحياة في مصر، مثل امريكا واستراليا والبرازيل وكندا، وعادت اعداد كبيرة منهم إلي وطنهم الأم اليونان.
الجالية اليونانية الآن يبلغ عددها حوالي ستة آلاف معظمهم يعيشون في الاسكندرية، ويرفضون مغادرتها إلي أي مكان آخر في العالم، ولا تزال بصماتهم تتحدث عن نفسها في عروس البحر المتوسط، ويحرصون علي ان تكون لهم اندية واحتفالات.. فقد كانت الاسكندرية ومازالت الحلم القديم المتجدد، ومن يمشي علي شواطئها ويستمتع بسحرها لا يمكن ان يغادرها.
أجمل ما قاله الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس انه زار مصر ٩ أو عشر مرات ورويدا رويدا سيكون مصريا أو قبرصيا مغتربا في مصر، وشكر مصر علي المحبة والدعم الذي تلقاه الجالية القبرصية، أما الرئيس اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس، فقد لخص الغاية النبيلة للاحتفالية بقوله ان الاسباب التي تؤدي إلي الحروب في هذه المنطقة المضطربة ليست صدام الحضارات، ولكن نقص تفهم الحضارات.
الرئيس عبدالفتاح السيسي قدم للضيوف مصر الحقيقية، بحضارتها وتاريخها وعظمتها ومكانتها، مصر التي خططوا لاغتيالها، فأنقذتها العناية الالهية، بفضل جيش وشعب ورئيس، عاهدوا الله أن تظل مرفوعة الرأس. وأعلامها خفاقة في السماء.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف