الوطن
ريهام فؤاد الحداد
امرأة واحدة
تُرى هل امرأة واحدة تكفى؟!! ولماذا يكتفى بعض الرجال بامرأة واحدة، يكبران ويشيخان معاً، وإذا مات أحدهما لحق بِه الآخر حزناً وشوقاً وافتقاداً؟!! ولماذا لا يكتفى البعض الآخر بشركائهم وإن كانوا بين أيديهم أحياءً يتنفسون ذات الهواء ويعيشون بنفس المسكن ويتقاسمون لقمة العيش؟!

لماذا كان الوفاء والاكتفاء بالماضى قائما، وبات بأيامنا هذه أوهاماً وخيالات (إلا من رحم ربى)؟! ولماذا هناك وفِىٌّ وآخر خائن، ولماذا النساء هن أكثر التزاما ووفاءً؟؟! أو على الأقل الغالبية العظمى منهن كذلك!!

كلها أسئلة اختصر إجابتها بعض الرجال بجملة ضعيفة المنطق والحجّة، ألا وهى «أن طبيعة الرجل تقبل بالتعدد، وإلا ما أباحها الشرع»، ونسوا أو تناسوا أن الشرع سمح للرجال بتعدّد الزوجات فى الضرورات، ولأسباب إنسانية، ولم يُسمح بالشىء ذاته للنساء، لأسباب كثيرة، أهمها (المحافظة على الأنساب).

مسألة أن المرأة لا تستطيع أن تحب أكثر من رجل واحد بالوقت ذاته صحيحة بالطبع، (على الأقل المرأة الطبيعية السوية)، إذ إن المرأة تُعلى العقل والعاطفة على الرغبات والنزوات، فالمحبة عندها أكثر نضجاً وأسمى بالمعنى والاعتبار، المحبة عندها مودة وسكن وبيت وأسرة وارتباط وثيق، أما الرجل فتغلبه رغباته ونزواته فى معظم الأحيان لتعيق الالتزام والانتماء والوفاء. بالتأكيد هو لا يستطيع أن يحب أكثر من امرأة أبداً، لكنه يستطيع بكل سهولة أن يشتهى أو يرغب بمليون امرأة!! فلننتبه إلى الفرق بين الحب و(الرغبة أو الاشتهاء!).

الحب حالة وجدانية غاية فى الالتزام، المحب لا يرى بالكون سوى حبيبه، وإن فاقه آخرون بالمواصفات والميزات، إلا أن الحب يَجُبُ أى مشاعر أخرى. فإن قال رجلٌ إنه يحب أكثر من امرأة بوقت واحد وإنه يحب بكل واحدة صفة معينة، فتأكدوا أنه لا يحب أحداً منهن، بل هو منجذب نحوهن أو راغب فيهن، كرغبته تماماً فى أنواع الفاكهة المختلفة، لأن لكل واحدة مذاقاً وذوقاً ومواصفات.

إذاً فالفرق بمن يكتفى بواحدة وبين غيره، هو الفرق بين المحب الرزين، والعابث غير المستقر على رأى معين! وهو الفرق بين من يرى النساء سلعة أو مادة استهلاكية، ومن يحترم النساء ويراهن شريكات حقيقيات. طبعاً أستثنى من هذا الكلام من أجبرته الظروف على الزواج بأخرى لأسباب وجيهة.

أحترم كثيراً من لا يتزوج باكراً، أو يُؤجل زواجه، لأنه يعلم أنه لن يفى ولن يلتزم ولن يكتفى بواحدة، أحترم من لا يدمر حياة غيره، ولا يجور عليها ولا يشقيها، أحترم من يُؤجل اتخاذ القرار المصيرى والمهم، ما دام غير قادر على اتخاذه، أحترم من يفهم ذاته ويتأنى ويفكر ملياً.

دائماً وأبداً امرأة واحدة تكفى، إن اقتنعت بأنها شريك، وأنها نصف الروح والجسد، وبأنها صاحبة الرحلة بهذا العالم، وبأن الإنسان عبارة عن مجموعة صفات بين الشكل والجوهر، وبأننا حين الاختيار نختار من يناسبنا ويصاحب أرواحنا، وبأن الرضا هو السعادة، وأن الأصل هو التقاء الأرواح والسكن إليها وبها ومعها.

نحن فصيل مختلف عن سائر المخلوقات، تميّزنا بالعقل والنضوج والمدنية والرُّقى، أو المفروض أن نكون هكذا!! زوجتك تكفيك وتغنيك عن العالم، وزوجك هو العالم فى رجل. بكل تأكيد امرأة واحدة تكفى الرجل، الرجل الحقيقى الناضج صاحب الوجدان الراقى والإرادة الواضحة والمزاج المستقر والثقة بالذات.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف