لن تستقيم أوضاع كرة القدم فى مصر دون توفير الضمانات الكافية للحكام الذين يحتاجون إلى ضمانات لحمايتهم من مختلف أنواع الانتهاكات، بدءا من تجاوزات أعضاء الجهازين الفنيين للفريقين المتنافسين، أو أحدهما، واعتراضات اللاعبين، ووصولاً إلى الاعتداءات اللفظية من جانب بعض رؤساء الأندية الرياضية.
وفى غياب هذه الضمانات، كان محمد الحنفى حكم مباراة الأهلى والزمالك الأخيرة هو نجمها الوحيد، ومعه طاقم التحكيم بكل أعضائه، رغم الهجوم الذى تعرض له فى الأيام الماضية، سواء من الذين حاولوا التنصل من مسئوليتهم عن الفوضى التى سببوها خلال المباراة، أو ممن يجهلون أحكام القانون المنظم للعبة، أو بعضها، أو من المصابين بمرض عشق الحكام الأجانب، أو من الفاشلين الذين اعتادوا أن يجعلوا الحكام المصريين شماعة يعلَّقون عليها خيباتهم.
نجح الحنفى وزملاؤه فى إدارة مباراة لم تكن لها علاقة بكرة القدم إلا قليلاً، وتمكن من إكمالها بأعجوبة فى أجواء عدائية لا تليق بأى لعبة رياضية. تحلى الحكم المصرى البارع بهدوء يعد الحفاظ عليه فى مثل هذه الظروف معجزة يندر مثلها. وقدم نموذجاً فى كيفية احتواء صدامات بين لاعبين فعلوا كل شىء إلا ما نزلوا إلى أرض الملعب إلا لكى يفعلوه.
اختار الحنفى هذا المنهج، ونجح فيه بامتياز. ولكن كان فى إمكانه أن يتبع منهجاً آخر لفرض احترام الحكم المصرى على من لا يردعهم إلا حكم أجنبى إذا أبدى حزماً وحسماً كانا مطلوبين منذ البداية، وخاصة فى اللحظة الفارقة التى تحولت فيها هجمة للأهلى إلى صدام بين لاعبين (السولية والنقاز) ثم إلى حالة اشتباك جماعى لها حكمها الخاص فى القانون. التزم بحرفية هذا القانون الذى يقضى بمعاقبة اللاعب الذى تسبب فى هذه الحالة فقط، وليس العدد الكبير الذى انخرط فيها.
ولكن حساسية المباراة كانت تفرض طرد اللاعبين اللذين تطور الاحتكاك بينهما إلى صدام عنيف، وليس إنذار أحدهما. كما كان عليه أن يستخدم الكارت الأحمر بعد ذلك كلما دعت الحاجة إليه. وكانت هناك حاجة إليه في عدة حالات أخرى بالفعل.
ومع ذلك، يستحق الحنفى وزملاؤه التحية، ويتوجب على اتحاد الكرة أن يتحلى بالشجاعة, ويفتح تحقيقا شفافا فى أحداث المباراة، وإلا فليستقل إذا كان عاجزا عن أداء واجبه.