الوفد
مصطفى شفيق
الشفط أرخص وأسهل!
غرقت القاهرة فى شبر مية... القاهرة بجميع أحيائها... الجديدة والقديمة... شوية مطر أغرقوا البلد... وشغلوا رئيس الحكومة والحكومة... وكأن الأحياء غير معنية... وكأن المحليات غير مختصة... مجلس الوزراء هو المسئول عن التعامل مع الأمطار... مجلس الوزراء بكامل هيئته... بوزير خارجيته ووزير اقتصاده... بوزير ماليته... ووزير القوى العاملة والأوقاف... والتعاون الدولى... كل هؤلاء مسئولون عن التعامل مع الأمطار... الحكاية متكررة... فى كل عام تحدث بشكل مختلف... مرة فى الإسكندرية... ومرة زاوية عبدالقادر... ومرات فى البحر الأحمر وطريق العين السخنة والغردقة... وتظل الملاحظات واحدة... سيارات الشفط تتحرك بسرعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه... تشفط المياه لتلقى بها فى المجارى... نهدر مياه الأمطار ونحولها إلى مياه صرف صحى... الحل السهل... رؤساء الأحياء فى الشوارع يشرفون على عمليات الشفط والطرد... لا أحد يفكر فى حل جذرى للقضية... لا أحد يسعى لتغيير الوضع... لا حلول دائمة لكوارث تتكرر كل عام بشكل مختلف... الشفط أسهل.
فى الدول المتقدمة الحلول جاهزة حتى لو توقفت الأمطار عن الهطول... القنوات المصرية أذاعت تحذيرات متكررة من إعصار إرما الذى ضرب فلوريدا فى سبتمبر الماضى... ساعتها تساءلت أيست فلوريدا هذه بعيدة عن القاهرة وعن أفريقيا كلها؟... كنت وما زلت لا أفهم جدوى إذاعة التحذيرات فى مصر... كنت وما زلت لا أفهم جدوى متابعة الإعصار لحظة بلحظة على قنواتنا... بنفس المنطق لا أفهم كيف لم نحذر المصريين من موجة الأمطار الرعدية... لا أفهم كيف لم نستعد... كيف لم يراجع كل رئيس حى وكل محافظ موقفه من الموجة القادمة... هيئة الأرصاد الجوية أصدرت بياناً تحذر فيه من موجة الأمطار الرعدية وأرسلته إلى كل مكان يجب أن يهتم... الكل وضعه فى الدرج... حتى إذا جاءت الطامة... ووقع الأمر بحجمه الذى شرحته الأرصاد فى بيانها... رحنا جميعاً نجرى يميناً ويساراً... وأعلنت الحكومة الطوارئ... وارتفع معدل الزيارات الميدانية... وخرج المسئولون من مكاتبهم المكيفة إلى الشوارع... ولم يفكر أحد فى الحل الدائم ... نتحدث كثيراً عن التنمية المستدامة... وعن الاستدامة فى العمل... لكننا لا ننفذ شيئاً... أذكر أنه فى أحد الصالونات التى كان الوفد يعقدها قديماً سألت المغربى وزير الإسكان ساعتها عن بالوعات الأمطار... الرد كان سريعاً... قاطعاً... غريباً... وصادماً... قال: إنت عايزنى أحفر كل شوارع مصر عشان حاجة بتحصل كل كام سنة؟... بهذه الطريقة كانوا يفكرون... وبنفس الطريقة يفكر مسئولونا حتى اليوم... ما حدث فى الأيام القليلة الأخيرة يؤكد أن تفكير المسئولين ما زال فى الحل الأسهل... الشفط أسهل من إقامة البالوعات وحفر الشوارع... غرق المنازل أفضل خصوصاً أنه يحدث مرة واحدة فى السنة.
لك الله يا مصر.
تباريح
لا تندم أبداً على معرفة البشر... فالجيدون يمنحونك السعادة... والسيئون يمنحونك الخبرة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف