السيد البابلى
الصمت.. والعدوان الثلاثي.. والأسد..!
لا صوت يعلو الآن فوق صوت سوريا.. سوريا العربية التي تعرضت لعدوان ثلاثي من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا.
والصواريخ التي انهالت فوق عدد من المواقع والأهداف السورية كانت موجهة إلي كل العالم العربي في عملية استهانة بقدراتها وسياساتها ومكانتها.
فالضربة العسكرية نفذت قبل ساعات من انعقاد القمة العربية لرؤساء وملوك العرب في الرياض بالسعودية.
والحقيقة أن العرب لن يتخذوا قراراً موحداً بشأن سوريا. فهناك دول عربية تطالب برحيل الأسد.. من السلطة وتحمله مسئولية كل ما يحدث في سوريا.. وهناك دولة عربية هي قطر انطلقت منها الطائرات التي شاركت في الهجوم علي سوريا.. من قاعدة "العيديد" الموجودة علي الأراضي القطرية. وهناك دول عربية أخري تكتفي بالمشاهدة والتعامل مع الملف السوري علي أنه بعيد عن حدودها وعن اهتماماتها.
والموقف العربي كله في القضية السورية يوضح اختلاف العرب علي الوصول لحلول عربية للقضايا المثارة.
* * *
والاختلاف العربي لكل أزمات المنطقة لم يظهر في القضية السورية فقط.. وإنما انعكس في أزمة قطر أيضا. حيث التزمت العديد من الدول العربية الصمت تجاه الأزمة. وانحاز البعض منها لمصالحه عي حساب البحث في كيفية الخروج من أزمة تعمق الاختلاف العربي.
لذا لم يكن غريباً أن تنهال الصواريخ علي أهداف ومواقع سورية في عملية كان معلنا مسبقاً عن تنفيذها.
والمثير للسخرية أنه بعد العدوان الثلاثي علي سوريا فإن هناك مظاهرات انطلقت في دمشق للتعبير عن الفرحة بأنها كانت عملية عسكرية محدودة.. وانتهت علي خير..!
وليس الأمر ما يستحق الاحتفال.. فهي عملية عقابية تمت باتفاق جميع الأطراف..!
فالولايات المتحدة قالت سنضرب سوريا.. ووزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي تولت مهمة ابلاغ الجانب الروسي مقدماً بالضربات.. والجانب الروسي أطلع الجانب السوري علي الأهداف العسكرية التي سيتم ضربها وطلب أن يتم اخلاؤها علي وجه السرعة.. والجانب السوري تقبل هذا السيناريو وأعد نفسه شعبياً وإعلامياً لمرحلة ما بعد تلقي الضربة..!
* * *
والأمريكان ومعهم أولاد العم من البريطانيين والفرنسيين وجهوا 120 صاروخاً إلي سوريا وعادوا ليحتفلوا ويشربوا الانخاب علي عملية تدريبية ناجحة في الأراضي السورية.
أما العالم ومنظماته وهيئاته. فإن بيانات الشجب والإدانة للعمل العسكري فهي جاهزة ومعدة سابقاً ولن يستمر مفعولها طويلاً.. وستتحول بعد فترة إلي مجرد حديث مكرر معاد مثلما حدث في الضربة الأمريكية التي نفذتها أمريكا ضد سوريا في العام الماضي.
ولا حديث بعد ذلك عن دولة ذات سيادة أو دولة بدون سيادة. فالسيادة هي للأقوي.. ولمن كانت حريصاً علي الابتعاد عن المشاكل والقضايا وحل أزماته داخل حدوده وبالإرداة الوطنية المستقلة.
وهو أمر يدعونا إلي المناشدة لبحث الأزمة السورية في إطار عربي جديد لأن القادم أسوأ ومصير الرئيس بشار الأسد مازال معلقاً. والرئيس الأمريكي ترامب في أول تغريدة له بعد الهجوم يؤكد أن ما حدث هو مجرد بداية وليس نهاية..!
فالرئيس السوري عليه أن يدرك أن الحل السياسي لأزمة بلاده فيه النجاة له من كل شر. وأن العالم لن يقف صامتاً أمام استخدامه للعنف ضد المدن السورية سواء استخدم الأسلحة الكيمائية أم لم يستخدم..!
بشار الأسد فعل كل ما يستطيع لانقاذ سوريا. ولكن انقاذ سوريا قد يكون أيضا برحيل الأسد في إطار تسوية سياسية شاملة.
* * *
وانقاذ سوريا يبدأ من الداخل. ولا يجب في هذا أن يعتمد النظام السوري علي مساعدة أو حماية من أحد فالذين يقدمون له الدعم والحماية لن يغامروا بمصالحهم الحيوية والاستراتيجية لحمايته طوال الوقت.. وفي مرحلة ما سوف يتوقفون عن الدعم والمساندة.
اننا نحذر من انهيار مفاجئ لسوريا..... ومن فراغ في السلطة وعملية الانتقال السياسي قد تكون مدمرة وضارة بسوريا أكثر من الضربات الصاروخية وتأثيرها.. ونأمل في مساندة عربية لسوريا لمساعدتها في اتخاذ القرار.
سوريا العربية الشقيقة في خطر.. والصمت لم يعد مجدياً.