الجمهورية
فريد إبراهيم
خطر الدين!
هل الدين هو سبب مشاكل البشرية وسبب أزماتها وصراعها..؟ ليس هذا سؤالا ساذجاً كما يتصور البعض أو أنه من الأسئلة التي لا يليق بالناس طرحها.. لكن ما نشاهده ونقرؤه من حالة حصار للدين وهجوم عليه باعتباره سبب الإرهاب والعنف هو ما يجعل الساذج من الاسئلة منطقياً ومطروحاً علي الأذهان.. ففي غضون الاسبوع الماضي هاجم الدكتور مراد وهبة ما سماه المطلق ويقصد بذلك الدين وقال ذلك في مقالاته وحواراته بل واثناء تكريمه قبل ذلك بوزارة الثقافة ثم جاء عالم الجيولوجيا الدكتور فاروق الباز في حواره مع الزميلة المصري اليوم ليؤكد أنه لا يفهم إلا في الحجارة وكان ذلك رداً علي سؤال المحرر عن امكانية اقامة حزب سياسي لكنه عندما سأله عن مساواة المرأة بالرجل في الميراث "بمعني إلغاء ما قرره الله فيما سمي بالفرائض اي تقسيم الميراث" فأفتي الذي لا يفهم إلا في الأحجار بأنه يري أن تتساوي المرأة بالرجل في الميراث ولم يعتذر عن الإجابة لأنه غير متخصص إلا في الأحجار.
لم يقف الأمر عند ذلك بل عندما سئل عن الحجاب فلم يقل إن شأن كل امرأة ان تختار لنفسها فقط وإنما قال إن الحجاب ليس من الإسلام وبالتالي فكأنه يقول إنه لا يفهم في الاحجار فقط وانما يفهم في أحكام الدين ومن حقه هنا ان يري رأيا علي رأي الله في الميراث ويري رأيا علي نصوص قرآنه القاطعة والواضحة.
إذا عدنا إلي الدكتور مراد وهبة وجدناه علي مدي مقالات كثيرة يضع الدين أمام العقل أي أنه يعتبر أن الدين ضد العقل والعقل ضد الدين بل ينطلق من قاعدة يسوقها علي أنها مسلمة وهي ليست كذلك من أن هناك عدم اعمال للعقل في النص الديني وكأنه لم يسمع عن المفسرين الذين ملأوا الدنيا علي مدي التاريخ يفسرون آيات القرآن ويفهمون منها مراد الله وكذلك الفقهاء الذين تعاملوا مع النص بعقولهم ليقدموا للناس حلولاً وقتية لقضاياهم.
فإذا تلفت الإنسان في الصحف الكبيرة والصغيرة والبرامج الدينية يجد الهجوم المباشر لا يتوقف كما يجد الهجوم العملي والاستهانة بالقيم الدينية في الدراما لا تتوقف أيضاً فتجد مسلسلات همها الأول في الحلقات كلها تقديم الخروج علي ثوابت الدين ونظام الاسرة فيه باعتباره سلوكا محترما غير مستهجن.
ويصبح السؤال هل الخروج علي الدين هو الحل..؟ وبمعني آخر هل تدليل الدكتور مراد وهبة علي خطر التدين بأن من قتل غاندي كان هندوسيا ومن قتل كيندي كان مسيحياً ومن قتل ملك النمسا كان مسيحياً أيضا ومن قتل السادات كان مسلما ومن قتل رابين كان يهوديا.. هل هذا التدليل منطقي إذن فإن معظم من أقاموا الحضارة الإنسانية كانوا متدينين ومن أوقف الحروب كانوا متدينين ايضا بل إن نصوص الأديان هي أكثر النصوص دعوة إلي خطر التعصب.
وبكلام آخر فإن كل من سفك الدماء كان منحرفاً في تدينه أي أنه لم يكن مؤمنا الإيمان الذي تدعو إليه الأديان فالأديان جاءت ــ كما تأكد تاريخيا ــ لتحقيق السلام بين الإنسان والبشر من حوله وبينه وبين نفسه وبينه وبين الكون والامثلة التي تؤكد ما نقول لا تحصي بل الحروب الدينية كلها قامت لخدمة أهواء من استغلوها لأهداف معينة أي أنها كانت انحرافا مؤكدا عن مقاصد الدين في هذا الكون.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف