الأهرام
ليلى تكلا
تحرير الرجل.. وعيد الأب
وصلنى بعض التعليقات على مقال «احترام المرأة» تتساءل أين الرجل من كل هذا؟ رغم أنى أكدت فى نهاية المقال أن احترام المرأة لا يتعارض مع احترام الرجل بل يستكمله. وأعود لأؤكد أن احترام المرأة وتحريرها وحماية حقوقها وقيامها بمسئولياتها يتطلب تحرير الرجل. تحرير عقل الرجل من أفكار رجعية محدودة بدنية عن المرأة وقدراتها ودورها فى تحقيق اهداف الوطن.

ظلت المرأة تعانى طويلاً فى كل المجتمعات وتعامل على أنها مخلوق أقل قدرة وأهمية وجدت فقط لخدمة الرجل والأسرة. ذاقت الإستبعاد والتهميش وحرمت من حقوقها كإنسان كامل الأهلية. ظهرت الدعاوى التى تطالب بالحرية والمساواة وحقوق الإنسان للجميع. ثم اكدت متطلبات التنمية أن مشاركة المرأة ركن أساسى فى التنمية. تؤكد إحدى الدراسات الدولية أنه إذا أصبح عدد النساء فى سوق العمل يساوى عدد الرجال فإن الناتج الإجمالى سوف يزيد بنسبة 5% فى أمريكا 9% فى اليابان 34% فى مصر.

ارتفعت أصوات رائدات المرأة المصرية تنادى بالمساواة مثل هدى شعراوى وسيزا نبراوى ومنيرة ثابت وغيرهن. قدمت كل من السيدة جيهان السادات والسيدة سوزان مبارك الكثير للمرأة لا يمكن انكاره أو تجاهله. جميل أن تهتم قرينة الرئيس بقضية المرأة لكن الأجمل أن يهتم الرئيس نفسه بشئون المرأة، يقدر قيمتها ودورها خارج المنزل وداخله. وهو الذى أطلق التعبير الرائع «احترام المرأة» الذى يضع أسسا انسانية متحضرة فى العلاقات ويتضمن كل ما ننادى به من مطالب.

الرجل مازال صاحب القرار اذا تحرر عقله تحرر المجتمع يثبت ذلك فى أصغر الأمور وأكثرها تعقيداً. الأمثلة كثيرة فى السعودية الذين سمحوا للمرأة بقيادة السيارات رجال تحررت عقولهم. فى فرنسا سيطرت المرأة على ثلث مقاعد البرلمان بأصوات رجال... اتمنى شخصياً أن يكون نصف مجلس النواب المصرى من السيدات لكنى أرى أن ذلك لا يمكن أن يأتى من فراغ بل يتطلب أمرين: الأول، تأهيل المرأة علمياً ومهنياً وتنمية كفاءتها حتى يصل عدد كبير منهن إلى الصفوف الأمامية ويصبحن جديرات بشغل المناصب تلقائيا أى يأتى التطور من القاعدة للقمة وليس مجرد منحة من أعلى إلى أسفل والأمر الثاني، اقتناع الرجل بأن هذا لا يؤثر فى مكانته ويظل واثقاً فى نفسه.

قاسم أمين تحرر فنادى بحرية الوطن وحرية كل مواطن وتعرض فى سبيل ذلك إلى الهجوم من شخصيات عدة عارضته ثم فرض الواقع أن يتحرر عقلها وتسانده منهم محمد فريد الذى عاد ليعترف بحق المرأة فى التعليم والعمل والمشاركة السياسية وطلعت حرب الذى كان أعلن أن تحرير المرأة يخدم الاستعمار ثم عاد وجعلها تشارك فى الفنون. المصرية التى ساهمت فى ثورة 19 وعادت لتساهم فى انتفاضة الغضب فى يناير ثم ثورة التحرير فى يونيو، تعيش اليوم عصرها الذهبى أصبح رئيس الدولة نفسه المدافع الأول عنها يهتم بأمورها وحقوقها مثل ما يهتم بأمور وحقوق سائر فئات المجتمع وأصبح عليها فى المقابل أن تمارس واجباتها وتثبت قدراتها. تحرير المرأة الذى يقوم على احترامها مطلب دولي. اصبح تقييم الدول يقوم على اعتبارات منها مكانة المرأة فى المجتمع تأكيداً لرفض ما عانت منه.. وتقديراً لدورها أصبح العالم يحتفل بها مرتين فى عيد الأم وفى يوم المرأة العالمي. عيد الأمت احتفال ظهر حديثاً ، وإن كان له متشابهات تاريخية مثل عبادة اليونان لكوبيلي، وعيد الرومان لهيلريا، واحتفال مسيحيى أوروبا بأحد الأمومة . ظهر عام 1912 فى الولايات المتحدة، عندما أنشأت مواطنة الجمعية الدولية ليوم الأم. ثم أقره وودرو ويلسون قانوناً وأخذت به سائر الدول.

اليوم العالمى للمرأة بدأ سنة 1856 عندما خرج آلاف النساء فى شوارع نيويورك احتجاجاًتعلى الظروف اللاإنسانية التى كن يجبرن على العمل تحتها وللمطالبة بالحقوق السياسية، ورغم أن الشرطة تدخلت بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات فإن المسيرة نجحت فى دفع المسئولين إلى الاهتمام بمطالبهم. استمرت المسيرات والمظاهرات ثم استقر عيد المرأة 1856 لكنه لم يصبح عيدا عالميا إلا عندما وافقت عليه الأمم المتحدة سنة 1977.

المرأة التى كافحت من أجل وصولها إلى ما وصلت اليه وعانت وتعانى ممن يتحيزون ضدها، ومن النظرة الدونية لقدراتها لا يجوز أن تمارس ما كانت تشكو منه. عليها احترام الرجل واعطاؤه حقه. تقديرنا للرجل واحترامه يحمينا من التعصب ضده والمشاركة فى الدعوة الى عيد الأب أسوة بعيد الأم.

عيد الأب ليس بدعة ولا ابتكارا أو مبادرة مني. يحتفل به فى عدد من الدول. بدأ فى الولايات المتحدة حيث زاد الإهتمام به بسبب حرب فيتنام التى استمرت طويلا وفقدت الاف الأسر رجالها وحرمت من الأب فجاء تقديرا لما قدموه للوطن. نوقش فى الكونجرس وفى 1972 اعلنه نيكسون عيدا وطنيا. اعترافا بدور الآباء الذين حاربوا وسقطوا الى جانب تكريم الأباء الذين يتولون الأمور المنزلية واصبح هناك عائلات كثيرة يقوم فيها الأب، وليس الأم، برعاية الأبناء وشئون المنزل بينما الأم تعمل خارج المنزل إذا اقتضت الظروف ذلك ولا يرون فيه أى حرج. نحن فى مصر نعيش حربا ضارية. حرمت عشرات الأسر من الرجال. ومن المناسب ان يكون ذلك دافعا للإقدام على اعلان عيد الأب احتراما لهم واحتراما لجميع الآباء الذين يمارسون مسئوليتهم العائلية خارج المنزل أو داخله ولا أظن أنه علينا الانتظار لخروج الرجال فى مظاهرات حتى يحصلوا على نفس التقدير بل علينا نحن النساء اثبات أن عقولنا تحررت ونطالب لهم بالحق فى عيد الأب.

يرى البعض أن هذه التسمية قد تثير أوجاع وآلام من فقدوا الأب، واياً كانت التسمية التى تختار عيد الأب او يوم الأب أو يوم الرجل فإن جوهر الفكرة أن الرجال لابد من الاعتراف بدورهم ويخصص يوم تعبر فيه الأسرة والمجتمع عن ذلك التقدير وتصبح مبادرة جديدة تطلقها مصر فى المنطقة. حفظ الله مصر.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف