الأهرام
ابراهيم حجازى
المكانة التى يستحقها أكتوبر.. قادمة فيما هو قادم!.
>> رغم أننى آخر من يُسأل عن الاعتذار.. إلا أننى أول من يعتذر.. ليس لصاحب هذه الرسالة فقط.. إنما لكل من راسلنى ولم تصلنى رسالته!. أعتذر عن ذنب لم أقترفه.. لكننى فى كل الأحوال أتحمله!. إيه الحكاية؟ إنها حكايتى مع السادة القراء.. الذين يسعدنى ويشرفنى تواصلهم معى برسائلهم على «مؤسسة الأهرام».. كما هو مُتبع من قبل خروجى للمعاش.. إلا أن وصولها لى وتسلمى لها.. هو بيت القصيد.. لكتاب الأهرام غير الموجودين بالأهرام.. ويقينى أنها ستجد حلاً..

الرسالة التى أنشرها اليوم.. موقعة فى 2 فبراير 2018.. ووصلتنى من أسبوعين وتقول:

أخى وعزيزى الأستاذ/ إبراهيم حجازى

تحية مخلصة من قلب يحبك ويحترمك.. ويقدِّرك.. لأننى فى الحقيقة لا أرى فى شخصيتك وفى حواراتك.. وفى كتاباتك.. إلا كل ما ينم عن المشاعر المصرية والوطنية الصادقة، والانتماء الأصيل لهذا الوطن العظيم الذى ربما أصبحنا نفتقده فى البعض ممن يعيشون بيننا، ويهيمون حولنا ليل نهار.

أخى وعزيزى.. «نريد أكتوبر.. لا يرحل» عنوان مقالك (الذى أحرص أن أقرأه كل جمعة) وفى العدد بتاريخ 3 نوفمبر 2017 بجريدة الأهرام.. هذا المقال بهذا العنوان أوقعنى فى حيرة وفى دهشة أعيش فيهما حتى هذه اللحظة.. فقد كنت أنت صادقًا جدًا.. وأمينًا فى كل حرف كتبته.. وأنت تسرد عظمة قواتنا المسلحة.. وعبقرية تخطيط القادة المصريين فى معركة 1973 (التى كنت أنا أحد أبطالها.. فى الكتيبة 395 مدفعية ميدان باللواء 116 بالفرقة 16ش بالجيش الثانى.. والتى عبرت القناة الساعة 11 مساء يوم 6 أكتوبر العظيم بالقطاع الأوسط منها.. ياه... لقد جعلتنى بمقالك هذا أعود.. وأعيش.. لحظات رهيبة.. وعظيمة.. وقاسية.. وكريمة.. وعنيفة.. وعزيزة.. كل هذه المشاعر المتضاربة أعادنى إليها مقالك الذى تناولته أنت تحت ذاك العنوان فى ذلك العدد.

أخى وعزيزى.. الحيرة والدهشة مصدرهما فعلاً كما تعجبت أنت فى مقالك وتساءلت: أين هذا الشعب العظيم.. بعد هذا الانتصار المبهر؟!.. أين.. أين سِجِلّه.. وأين ملفه.. وأين تاريخه؟!.. وأين تقييم ملحمته؟!.. لقد ظلمناه.. وتناسيناه رغم أننا صنعناه؟! وتجاهلناه.. ولم نهتم به قدر من عرف قدره من مؤرخى وخبراء العالم.. حتى الحاقدين منهم والكارهين والكائدين.. وأضفت أنت فى مقالك أيضًا.. «أكتوبر على مشارف الخمسين.. ولا كلمة واحدة عنه فى أى مجال»!

وهنا.. أود أن أستوقفك يا أخى لحظة.. وأسألك.. بصفتكم شخصية إعلامية مقبولة ولها اعتبارها لدى الجهات المتخصصة والمسئولة.. أسألكم: هل إذا عثرنا على مثل هذه الكلمة كخطوة أولى على الطريق.. هل يمكن أن تتبناها لتظهرها وتخرجها إلى حيز الوجود بشكل فنى يناسبها ويليق بها؟.. يا ترى ماذا ستكون الإجابة؟..

أخى وعزيزى الأستاذ. إبراهيم... يجب أن نعترف...

نحن نعيش فترة جدب وجفاف واختلال وتسول وافتقار واضمحلال وتدن ورداءة فنية وثقافية وإعلامية وروحية.. تسود وتتوغل وتنهش فى أجهزتنا الإعلامية عامة من ثقافة وأوبرا ومؤسسات إنتاج فنى تحصل على رواتب وحوافز واعتمادات مادية بالملايين.. والمقابل.. لا عائد ماديا! ولا عائد معنويا! بل خسائر اقتصادية واجتماعية وأصول غالية وثمينة وشاهقة راكدة وغير مستخدمة وعاطلة وغير مستغلة.. حتى تاهت معالمنا.. وأصبح غذاء الجسد وإشباعه فى النهاية.. هو شغلنا الشاغل حتى التخمة.. أما «غذاء الروح» فقد أمسى بالنسبة لنا.. وبكل الألم والأسى.. نسيًا منسيًا.. «مع أنه هو البلسم الغائب.. والشراع الذى افتقدناه..».

عزيزى أ. إبراهيم...

نسيت.. أنا شاعر.. ومؤلف.. وقصاص.. أمتلك 3 دواوين نشرتها على حسابى الخاص.. وكذلك عدد 3 روايات مسجلة.. ولدىّ سيناريو جاهز تمامًا لمسلسل درامى عنوانه (الأرض.. لا تقبل العار) من عدد 30 حلقة.. وحاصل على «الجائزة الأولى» فى مسابقة عام «الشبيبة العُمانية» عام 1983م (مسقط) والذى تم تسجيله بمطربين عمانيين وكورال مصرى باستوديو 36 بماسبيرو بملحن مصرى يدعى «محمد مصطفى» وكنت معتمدًا (مؤلف أغان) باتحاد الإذاعة والتليفزيون بماسبيرو (أيام الزمن الجميل) وأذكر من المطربين الذين تعاونت معهم:

نادية نور أغنية (سيبونى أعيش) لحن (رياض السنباطى) عام 1963

طارق فؤاد أغنية للأم (ابنى جه يزورنى) لحن (فؤاد حلمى).

زينب يونس ....................

محمد الأسوانى أغنية (رسالة إلى أمى).. لحن إبراهيم رأفت.. أغنية وطنية مدتها 11 دقيقة (تليفزيون)

وملاحظة مهمة جدًا: أوبريت: (بلد الكرامة).

لدىّ أوبريت غنائى «تحفة» فى كلماته وفى لحنه.. وجاهز تمامًا لتنفيذه غنائيًا.. «أوبريت وطنى 100%.. تفتقر إليه الساحة الفنية.. ولدىّ من يقومون بأدائه غنائيًا.. وهم:

محمود درويش (صديقى وحبيبى).

ياسمينا (مطربة واعدة).

محمد ثروت (وأبدى استعداده).

غادة رجب (وأبدت استعدادها).

من مطربى الأوبرا (أقوى وأحلى صوت رجالى بها) بقيادة الموسيقار د.رضا رجب (وقد رحب وأبدى استعدادًا كاملاً) ولكن.. أين الجهة الرسمية المسئولة التى تؤازرنا؟ حقًا.. شىء يدعو إلى الدهشة والحيرة!.

عزيزى.. وأخى..

عفوًا: تعبت من الكتابة.. وأرجو ألا تكون تعبت مثلى من القراءة..

مع قبول حبى واحترامى.. وفى لهفة أخوية أن أسمع صوتك تليفونيًا.

مع أخلص تحياتى.

أخوكم/ أحمد فهمى حمودة

وكيل وزارة بالجهاز المركزى للمحاسبات «سابقًا»



انتهت الرسالة.. وأتوقف أمام الاستفسار الذى طرحته أنا فى المقال بقولى: أكتوبر على مشارف الخمسين.. ولا كلمة منه فى أى مجال؟. أتوقف لأقول: إن نفس التساؤل طرحته مرات عديدة على مدى سنوات طويلة.. ولم أجد ردًا ولم أعرف سببًا.. إلا أننى!.

أعتقد أن ما تم إغفاله قرابة الخمسين عامًا الماضية.. سيلقى كل الاحترام فيما هو قادم.. ومصر فى مختلف المجالات تبنى قواعد مجدها!.

يا سيدى.. فترة الجدب والجفاف والاحتلال والاختفاء.. التى سادت حياتنا.. أراها ثمار بذور الشيطان التى زرعوها بأرضنا فى غفلة منا!. الجدب والجفاف ليسا خللاً فى الجينات المصرية العريقة.. إنما هى نتاج طبيعى لحرب حقيقية استهدفت الشعب المصرى لمدة 20 سنة على الأقل.. والشعب لا يعرف ولا حتى الحكومة وقتها تعرف!.

يا سيدى.. نحن عرفنا بأمر هذه الحروب الجديدة.. بعد 25 يناير 2011 وعرفنا أن الشعب تم استهدافه بحرب.. أسلحتها أكثر تدميرًا من الصواريخ والدبابات!. حرب عرفنا فيما بعد أنها الجيل الرابع والخامس من الحروب!. الشعب يتم استهدافه بحرب مدتها من 15 إلى 20 سنة.. والجيش تتم مواجهته بجماعات إرهابية مرتزقة.. تحارب بالوكالة من دول لا دولة!.

حرب الإرهاب.. نحن على بيّنة منها.. وبإذنك يارب سنقضى عليها أقرب مما نتوقع.. أما الحرب الأخرى المعلنة على المصريين من سنين طويلة ومازالت.. للأسف الشعب لا يعرف عنها.. ما يجب أن يعرفه ولابد أن يعرف!.

صحيح أنهم لم يقدروا على الشعب المصرى.. ولم ينجحوا فى استدراجه بالفتن إلى حرب أهلية.. إلا أنهم نجحوا إلى حد ليس بقليل.. فى تجريف رموز وإهدار قيم وتغييب عقول.. ولم يكن هذا صعبًا عليهم.. لأن هدف أجيال الحروب الجديدة الأوحد.. تدمير قيم ومبادئ وأخلاق شعب.. وفترة هذه الحرب من 15 إلى 20 سنة.. وبنهايتها.. ينتهى الشعب الذى تعرض لها وتسقط الدولة إلى غير رجعة.. وكيف ترجع بعد تفتيتها إلى جزيئات صغيرة.. ستبقى إلى آخر العمر فى عداء مع بعضها!.

هذا ما نجحوا فيه مع غيرنا.. والمشاهد التى نراها فى التليفزيون.. توضح حجم الدمار الذى لحق بهذه الدول!.

دمار منشآت وبنية تحتية.. ودمار الانتماء الذى كان فى الصدور وحوّل أبناء الوطن الواحد إلى وحوش بشرية.. شراهتها للخراب والدمار والموت.. بلا سقف!.

يا سيدى.. مصر تعرضت لهذه الحرب القذرة ومازالت!. يا سيدى هدفهم الوحيد فى حربهم على المصريين من سنتين.. نسف الأخلاق!.

أسلحتهم المستخدمة.. الشائعات.. الفتن.. الأكاذيب.. البذاءات.. الكراهية.. الإباحية.. الجنس.. الشذوذ.. باختصار كل ما هو يخالف العادات والتقاليد والأعراف المصرية!.

استخدموا السينما تحديدًا ومعها بقية الوسائل الثقافية.. وهذا ما اكتشفناه الآن بعد فوات الأوان!. اكتشفنا أن المسألة لا هى حرية ولا إبداع.. إنما نسف علاقة الثقة والاحترام ما بين الصغار والكبار.. أى ما بين الأبناء والآباء والأمهات!. فعلوا ذلك من خلال زراعة الشك ورعايته فى وعى الصغار والإلحاح فى ذلك على مدى سنوات.. من خلال سلسلة أفلام على مدى 15 سنة.. استهدفت أجيالاً من طفولتها حتى شبابها.. رسالتها الوحيدة.. أنها لا توجد امرأة شريفة ولا رجل صالح.. وكيف يوجد مكان للشرف والصلاح.. وكل الأفلام على مدى سنوات.. واحة للخيانة.. الزوجة خائنة والزوج خائن.. وكلاهما أم وأب!.

يا سيدى نحن من نهاية التسعينيات تقريبًا والحرب «المدنية» معلنة على الشعب المصرى.. على أمل أن يكون جاهزًا لابتلاع الفتن والاقتتال فى 2011 ولم يحدث هذا ولن يحدث.. لأن مصر غِيْر وشعبها مُحصَّن ربانى وفى رباط إلى يوم الدين!.

يا سيدى.. الحصاد كان موعده بعد 2011.. حصاد الحرب المدنية المعلنة على الشعب من سنين.. والتى مفترض أن تكون أثمرت الفوضى والكراهية والخلافات الكافية لإسقاط دولة!. رأينا الفوضى ومحاولات نشرها فى ربوع مصر!. عشنا انعدام الأمن ورأينا اللجان الشعبية التى كانت مقدمة ظهور دولة الفوضى وانعدام دولة الأمان!. لمسنا شرارات الفتنة تتطاير فى كل مكان.. وأى واحدة منها إن اشتعلت مستحيل إخمادها!.

يا سيدى.. عشنا سبع سنوات عجاف بكل ما تحمله الكلمة.. وتخطيناها ولم نسقط كما كانوا يخططون.. بل انطلقنا وأرسينا بالفعل بناء قواعد المجد!. المشروعات العملاقة التى تم تنفيذها فى 40 شهرًا.. بعضها أكبر مما نفذته مصر فى تاريخها!.

يا سيدى.. أكتوبر 1973.. واحد من قواعد المجد فى تاريخنا.. وتجسيد ملحمة الفداء الجبارة هذه فيما هو قادم.. قادم لا محالة.. لأن مصر انطلقت بالفعل للأفضل الذى تستحقه.. وللمكان والمكانة اللتين خلقها الله لهما!.

.......................................................

>> كرة القدم شعبيتها طاغية فى معظم دول العالم.. باستثناء عدة دول فى مقدمتها أمريكا وكندا وأستراليا والصين واليابان ودول أخرى.. بعضها عندها لعبات تفوق الكرة شعبية.. ودول لا عندها هذا ولا ذاك.. ولكن!.

الدول التى كرة القدم فى الصدارة شعبيًا.. هذه الشعبية الكروية.. لم تطغ على شعبية وأهمية اللعبات الأخرى.. التى لها شعبيتها ولها تقديرها الرسمى الشعبى!. كل الدول راعت هذه المسألة.. إلا نحن!.

عندنا.. تركنا بمحض إرادتنا كرة القدم بلا سقف فى كل شىء وأى شىء.. وهى من الأصل.. بلا نظام كروى حقيقى ينظمها ويضع ضوابط لها.. مثل خلق الله فى كل مكان بالدنيا والمحصلة!.

كرة القدم الموجودة عندنا.. مختلفة جذريًا.. شكلا ومضمونًا.. عن الموجودة عندهم.. هذه واحدة!.

والثانية.. أننا بكامل إرادتنا ووعينا.. كل إداراتنا الرياضية المتعاقبة بالدولة.. ركبت موجة «الكورة».. ونسيت اللعبات الرياضية الأخرى أو الشهيدة.. على رأى المرحوم الأستاذ نجيب المستكاوى!. نسيتها وفى مواقف أنكرتها.. رغم أن هذه اللعبات هى التى وضعتنا على خريطة العالم الرياضية.. بأبطالها الأفذاذ أصحاب الميداليات الذهبية فى الدورات الأوليمبية.. من عام 1928 حتى دورة لندن 1948.. ثم لوس أنجلوس 1984 وبعدها دورة أثينا ونهاية بدورة لندن الأوليمبية!.

لأجل أن تعرفوا حضراتكم أنه لا يوجد مثيل لنا فى هذا الوضع المائل.. أضرب مثالين.. الأول من ألمانيا والثانى البرازيل. كلتا الدولتين من القوى الكروية بالعالم.. فهل طغت كرة القدم.. على اللعبات الأخرى؟.

البرازيل.. شعبية الكرة البرازيلية طاغية.. داخل البرازيل وخارج البرازيل.. ورغم هذا!. لعبة مثل الكرة الطائرة.. صالات وشاطئية.. شعبيتها هائلة فى البرازيل.. ونجومها فى شهرة نجوم الكرة!.

فى ألمانيا.. شعبية الكرة هائلة.. وأيضًا شعبية كرة اليد مثلاً هائلة!. اتحاد كرة اليد الألمانى.. عدد المقيدين.. لاعبين ولاعبات.. مليون و300 ألف!. هذا العدد الهائل من لاعبى كرة اليد.. هم فى دولة تعدادها أقل من مصر!. نجوم ألعاب القوى فى الرمى بألمانيا.. فى نفس شهرة نجوم الكرة!.

عندنا شعبية الكرة طغت على اللعبات الأخرى.. «وياريت بفايدة»!. شعبية الكرة عندنا.. ذهبت بفعل فاعل.. للمصالح الخاصة وليس للمصلحة العامة!.

نحن فقط من حَوَّلَ مسار الاحتراف الكروى وقلبه إلى «انحراف» كروى.. ضجيج بلا طحين!. ملايين الجنيهات تنفق.. بدون مستوى ثابت يرقى للمنافسة!.

شعبية الكرة وحب الناس للكرة.. تحول إلى بيزنس مصالح.. وسوق «الكورة» بات مغنمًا للاستفادة لا الإفادة.. من أول الصراع على المناصب فى المناطق واتحاد الكرة.. إلى الصراع على المناصب الفنية والإدارية فى التدريب والإدارة.. إلى الصراع على إدارات الأندية التى فيها كرة!.

صراع هائل ومعارك تكسير عظام لاحتلال المناصب.. ولا وقت للتفكير فيما تحتاجه كرة القدم عندنا.. وهذا يفسر غيابنا عن الوصول إلى نهائيات كأس العالم!. حضرنا كأس العالم 1934 وغبنا 56 سنة إلى أن نجحنا فى عام 1990 وبعدها 28 سنة غيابًا إلى أن تأهلنا «بالتيلة» لكأس العالم 2018.

كل هذه الفوضى التى فيها كرة القدم المصرية.. جعلت غاية المراد من رب العباد عندنا.. الوصول لكأس العالم وليس طموح المنافسة فى كأس العالم.. وهنا قد يسأل البعض.. وهل يمكن لمصر أن تنافس فى كأس العالم؟

الإجابة بدون تردد: نعم.. بإمكان مصر أن تكون قوة كروية عالمية.. وهذه حكاية أخرى!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف