الوفد
مجدى سرحان
دعهم يزيطون ويهذون
الزياط.. تعبير عبقري.. بليغ.. له أصل ومعنى في اللغة.. زاطَ- يَزِيط- زَيْطًا وزِياطًا- فهو زائط. وزاط الشَّخص: أي صاح وأحدث جلبة.. وزاطَ الناسُ: أي اختَلطت أَصَواتُهُم فلم يعد لكلامهم معنى.. ولا قيمة.
ورغم أنه تعبير قديم.. بقدر قدم اللغة.. إلا أنك قد تراه مستحدثاً.. جرى نحته خصيصاً لحالة «السوشيال ميديا» الفريدة ومريديها الذين لن تجد لهم وصفاً أدق ولا أبلغ من وصف «الزايطين».. فحيثما تكون على «التايم لاين» زيط مع الزايطين.. وعلِّي صوتك بالزياط.. ولا حد سامع ولا فاهم حاجة!
وما نقصده في العنوان من الفعل «يهذون».. هو «الهذي».. بالذال.. أي «الكلام غير المعقول الذي يرجع إلى مرض أو غير» مثلما ورد في معاجم اللغة.. وطبعاً لم نقصد «الهز» بحرف «الزاي» أو «الزين».. بمعنى الرقص والتمايل على أنغام الموسيقى و«الديجيهات» أمام لجان الانتخابات وغيرها.

<< هذان
هما الوصفان اللائقان والمناسبان لما يزيط ويهذى به الآن «زياطين وشياطين» مواقع «التراشق والتفسخ الاجتماعي» و«فضائيات الخيانة» و«سبابيب التضليل» ومنصات الإرهاب الإعلامي ومنابر المتاجرة بالدين.. بعد اكتمال الانتخابات الرئاسية بنسبة مشاركة فاقت كل التقديرات والتوقعات.. وأيضا بعد أن جاءت مؤشرات الفرز بما يخيب آمالهم ويفضح كذبهم وإفكهم.. وغباءهم.
ليس لديهم اليوم إلا الهذي والزياط وتداول «البوستات» والتعليقات الساخرة الماجنة الفاجرة.. بأقذع الألفاظ وأقذر المعاني.. وبلا حياء أو خجل او أخلاق.. حول توافه الأمور وأحقرها.. ليدفنوا رؤوسهم في الرمال.. ويتعمى أبصارهم عم الحقيقة الساطعة.. وهي أن هناك أكثر من 20 مليون مصري خرجوا إلى الصناديق.. وشاركوا.. واختاروا.

<< يتداولون
وينشرون ويسخرون من لقطات رقص الناخبين وأفراحهم أمام لجان الانتخابات.. ويسبون ويلعنون من شاركوا فيها ويحقرون من شأنهم.. ويتناسون أنهم هم أنفسهم من كانوا في طليعة الراقصين وسط ميادين 25 يناير و«رابعة والنهضة» وأمام لجان انتخابات 2012 الكارثية التي جاءت بزعيم عصابة الإرهاب و«صبي مرشد الضلال» إلى الحكم.. وكادت تدمر الوطن وتقضي عليه إلى الأبد.
يتبادلون الصور واللقطات الملفقة.. أو القديمة.. لتوزيع أكياس وكراتين الزيت والأرز والسكر على الناخبين في الأحياء الشعبية والقرى لحثهم على المشاركة في التصويت.. ولا يخجلون من أنهم هم الذين ابتدعوا هذه الأساليب ومارسوها لإغراء البسطاء واستغلال عوزهم لشراء ضمائرهم وذممهم وتزيف إرادتهم.. لكن هؤلاء البسطاء هم الذين كانوا بعد ذلك أيضا وقود ثورة 30 يونيو الذين أطاحوا بهم وأهوا كابوس حكمهم.

<< ومازالوا
يبثون الصور «المفبركة» للجان انتخابات خاوية.. ويصرون على أن اللجان لم يذهب لها أحد.. تمهيداً لـ«الزفة» التي سيملئون بها ساحاتهم الوهمية.. الافتراضية.. بالزياط والهذيان حول تزوير الانتخابات والطعن في شرف ونزاهة من أشرفوا عليها وأداروها.
وأيضا ينشرون صور عبارات السب واللعن والتطاول اليائسة والبائسة التي أرسلوا صبيانهم ومرتزقتهم.. ليقوموا بتدوينها على بطاقات الانتخابات.. لعلها تبرد نيران حقدهم وكرههم وتشفي غليل نفوسهم المريضة الوضيعة.

<< كل ذلك لا قيمة له.. لا تلتفتوا له.. ولا تهتموا به.. ولا تحققوا لهم غرضهم بجركم للتعليق عليه.. دعوهم يزيطوا ويهذوا.. أما أنتم فأبشروا وافرحوا.. لأن القادم أفضل بإذن الله.. وبعملكم وبإخلاصكم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف