الأهرام
عزت السعدنى
لماذا هو قدرنا وشمسنا وبوصلة أيامنا وغدنا البسام؟
تخليت عن زى الكبار فى خريف العمر.. وخلعت عنى الجاكيت الكحلى وربطة العنق والحذاء اللميع.. ولبست رداء الشباب «بتاع زمان» ووضعت قدمى فى الحذاء الكوتشي.. وقلت لنفسى يا واد ارجع لأيام الصبا عندما كنت شابا فتيا عفيا.. وانزل إلى الناس فى بر مصر كله وقوفا معهم فى طوابيرهم داخل اللجان الانتخابية فى كل شبر من خريطة مصر، وتحسس بنفسك وقد بلغت من عمرك الصحفى عتيا.. أحلامهم المشروعة وحاورهم كما كنت تفعل فى شبابك الصحفى الذى ولى وراح وترك لك حاجة كده تفرح بها الكبار أمثالى اسمها حنكة الأيام وصبر الليالى وحكمة السنين..



وتخيلت نفسى وقد ارتديت بردة الحكيم آنى أعظم حكماء مصر العظام فى تاريخهم قبل الزمان بزمان أو زميله ستب حتب أو زميلهم الثالث الذى اسمه أمينوبى الذى قال: الوجه الحقيقى للإنسان المصرى هو الحكمة والعرق وصبر الأيام وزرع الحنطة وقول الحق والسجود للإله الأعظم إله الكون كله الواحد الأحد..

وكذلك يجلس إلى جوارهم وربما على نفس مقعد الحكمة.. أخناتون العظيم أول نبى مصرى عرف الله قبل الزمان بزمان..

أقول ارتديت بردة حكماء هذا الزمان العظيم ولست واحدا منهم بل مجرد تلميذ على دربهم يمشى وعلى نهجهم يسير.. ونزلت إلى اللجان الانتخابية.. ووقفت فى طوابير الناس البسطاء فى بر مصر كله.. الذين يأكلون رغيف العيش المصرى أبو خمسة قروش وغموسهم الفول والطعمية وهمهم طلبات العيال ونكد الستات..

ذلك كله.. لكى أعرف وأفهم وأسأل: لماذا هو بالذات؟.. ولماذا هو وحده؟.

وأنا أعرف الجواب قبل أن ينطقه العامة والخاصة الذى يجمعهم داخل اللجان الانتخابية فى بر مصر كله طابور واحد بوصلته تتجه إليه هو بوصفه ـ كما قالوا ونطقوا وكتبوا: المنقذ والسند والمصير.. وبوصفه الأخ والصديق فى الشدَّة والأمل فى مستقبل مشرق بسام.. اسمه فى القلب وصورته فى خانة الأيام وكتاب الأحلام ..اسمه عبد الفتاح السيسى ورقته فى كتاب مصر تقول عنه إنه إنسان بسيط عاش مثلنا فى الحارة والزقاق والشارع والقرية والمدينة.. اسمه فى القلب وعلى كل لسان كأنه واحد منا.. اختاره الشعب كله رئيسا لنا لفترة رئاسية ثانية.. ولو تركوا لهم حبل الخيار.. لاختاروه حتى آخر العمر..

><>

نسيت أن أقول لكم اننى اصطحبت معى فى جولتى بعد اصرار منه ـ ابنى الوحيد كريم الذى تخرج هذا العام فى جامعة الأهرام الكندية.. وهو الآن محرر صغير فى القسم الرياضى فى الأهرام ليكون سندى وعكازى فى مشاويرى الانتخابية..

><>

أين بدأنا؟

وإلى أين انتهينا؟

أسمعكم تسألون؟

<< كانت البداية داخل أحد المقار الانتخابية فى شارع الهرم..

أنا واقف منذ الصباح الباكر فى الطابور فى انتظار دورى لكى أنتخب.. نبهنى ابنى كريم إلى أن سيدة فى طابور السيدات تريد أن تتكلم معي..

خرجت من الطابور وتركت كريم مكانى حتى لا يضيع دوري.. وجلست إليها فى ركن ظليل..

قالت لي: أنا اعرفك جيدا أريد أن أنقل إليك لماذا سوف تنتخب المرأة المصرية الرئيس عبد الفتاح السيسى لولاية ثانية؟

قلت: تفضلى هاتى ماعندك؟

قالت: أنا ناظرة مدرسة اعدادية.. لا أنسى أبدا ما جرى للأسرة المصرية والبيت المصرى كله أيام 25 يناير ربنا لا يعودها.. كانت حرمة البيت المصرى مكشوفة أمام اللصوص واللئام من كل لون وكل ملّة.. لم نكن أبدا نشعر فى بيوتنا وفى حياتنا بالأمان الذى ضاع منا.. حتى أولادنا لم نكن نأمن عليهم عندما يذهبون إلى مدارسهم وجامعاتهم.. كان شبح القدر السييء فى انتظارهم فى ذهابهم وفى عودتهم.. وكم من أم فقدت فلذات كبدها.. يعنى الولد أول ما ينزل الصبح المدرسة موش عارفين حيرجع واللا لأ ده حتى فيه أسر كثيرة العصابات إياها سرقوا أولادها من قدام باب المدرسة.. وما رجعوش إلا لما دفعوا «الحلاوة» كام ياترى ؟ ربع مليون.. نص مليون حسب مقدرة كل أسرة.. وفيه أولاد صغيرين مارجعوش لحد النهاردة!

تتدخل جارة لها فى الطابور الحريمى بقولها: أنا دكتورة.. طبيبة.. عاوزة أقول: موش بس العيال الصغار... دول حتى الكبار اللى زينا.. كانت فيه مخططات لسرقتهم وسرقة عربياتهم فى عز الظهر أمام المارة وقتلهم كمان لو لزم الأمر. ولسة فاكرين حكاية خبيرة الأمم المتحدة اللى كانت سايقة عربيتها فى المهندسين فى عز الصبح.. وضربوها بالرصاص وأخدوا العربية عينى عينك كده.. وسابوها تموت نزفا وألما وحسرة! الاثنتان معا فى صوت واحد: ياباشا أهم شئ احنا عايشينه دلوقتى اسمه الأمان.. وكفاية علينا كده. عشان تقول: نعم للرئيس لولاية تانية وتالتة كمان.

تشاركها فى الرأى كل الواقفات فى الطابور الحريمى..

وزغرودة حلوة من فم سيدة ريفية تجلجل فى أرجاء المكان كله.. لكى يتحول المشهد إلى لقطة من فيلم سينمائى مصرى من أيام الزمن الجميل.

><>

ولمتابعة العملية الانتخابية ذهبت كمراقب إلى القناطر الخيرية.. بلدى وموطنى وموطن أجدادى الذى كان كبيرهم عمدة فم البحر ـ وهو اسم القناطر الخيرية أيام محمد على باشا ـ وهو جدى أنا ـ العمدة موش الباشا حتى لايختلط الأمر ـ وفى طابور الانتخابات الرياسية.. أمسك بيدى رجل وقور الشيب والشعر الأبيض يغطى رأسه كله وعمره كله.. وقال لى: أنا من صباحية ربنا.. وأنا واقف فى الطابور بقول لكل الواقفين حاجة واحدة بس!

اسأله: حاجة زى إيه دى؟

قال: لو حضرتك فتحت أمام عينيك خريطة المنطقة العربية دلوقتي.. حتلاقى إيه؟

قلت له: موش فاهم،، وأنا فاهم طبعا!

قال: موش فاهم ازاى بس..

انت ناسى مخطط الست كوندليزا رايس وزيرة خارجية أمريكا اللى كانت بتخطط لتنفيذمخطط اسقاط الدول العربية من الداخل بثورات الربيع إياها؟؟

قلت لفوري: أيوه فاكر!

قال :عمنا وتاج راسنا السيسى الله يعمر بيته هو اللى مزق هذا المخطط ستميت حتة.. وحمى مصر من الدخول تحت مظلة هذه الفوضى التى يدعون انها خلاقة.. دى موش خلاقة.. خرّابة ـ بتشديد الراء ـ موش كده واللا إيه؟

صاح كل الواقفين والواقفات فى صوت واحد: كفاية عليه إنه حمى مصر من هذه الفوضى الخلاقة إياها.. تقصد الخرابة والعياذ بالله!

يكمل صاحب الكلام: بصوا على خريطة المنطقة شوفوا اللى جرى للعراق + سوريا + ليبيا+ اليمن دلوقتى واحمدوا ربنا.. وبوسوا ايديكم وش وظُهر.. وشوفوا مصر التى حماها الله منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا..

لو عمنا عبدالفتاح السيسى ما عملش حاجة لمصر إلا دى.. كفاية عليه!

يصفق الجميع وكأننا فى عرسى حقيقى لبلدنا..

يحمل إلى كريم ورقة صغيرة كتبها رجل فى السبعين كان يقف فى الطابور ولم يلحق بى فى زحام الطوابير الانتخابية انتخب الرئيس ثم ذهب إلى حال سبيله. فتحت الورقة وقرأت: أنا موظف فى البلدية.. ولقد كنت موظفا هناك قبل أن أخرج إلى المعاش.. أشكو للرئيس قلة حيلتى وفى رقبتى ولدان وبنت.. الثلاثة تخرجوا من الجامعة واحد آداب والثانى حقوق والثالثة تجارة.. وهم فى الدار بلا عمل.. لماذا لا تعود خطابات حكايات التعيين التى كنا نتلقاها عند تخرجنا.. هذا يروح مدرس فى بنى سويف وذلك يذهب مهندسا للكهرباء فى طلخا وذاك موظف شئون عاملين فى محافظة المنيا..

لكن لقد نسيت الدولة أولادنا فى ظل الأزمة الاقتصادية وتعويم الجنيه وضيق ذات يد الحكومة وفى عنقها طابور من الخريجين بالملايين.. يا سيادة الرئيس نريد أول أمر منك بعد انتخابك إن شاء الله هو وظيفة لكل خريج الله يفرح قلبك!

إمضاء: أب فى عنقه ثلاثة أولاد بلا عمل!

><>

سألتهم قبل أن أمضى لحال سبيلى مع عكازى وسندى فى آخر الأيام الذى اسمه كريم: عاوزين تقولوا حاجة للريس؟

تدخل كريم بقوله: الست دى عاوزة تقول لك حاجة مهمة قوي؟

قلت لها تفضلي:

قالت: أنا مدرسة لغة عربية ولى ثلاث بنات فى المدارس.. عاوزة أقول للرئيس بعد انتخابه إنه يهتم بحاجة مصر قامت عليها حضارتها ونهضتها طول عمرها.. اللى اسمها التعليم..

مافيش دلوقتى مدارس حقيقية ولا مناهج ولا ولاد بيروحوا مدارسهم الميرى بتاعة الحكومة.. بيروحوا المدارس الخاصة بس اللى بمصاريف إحنا موش قدها.. مصر ياباشا قامت على التعليم من أيام محمد على باشا ورفاعة رافع الطهطاوى وزكى مبارك وطه حسين..

لازم المدرسة ترجع زى زمان.. طابور الصباح + تحية العلم + نشيد الصباح + 6 حصص كاملة بمدرسين..

وكمان لازم تقفلوا «السناتر» إياها.. دى سبب تراجع التعليم فى مصر.. وتأخر مصر أم الدنيا!

><>

صوت سيدة من ورائنا يقول: ياباشا اللى بنى مصر كان فى الأصل موش كان فى الأصل حلواني.. ده كان مدرس وفصل وسبورة وطباشير وتلاميذ.. ومبروك للرئيس.. ومبروك لينا إحنا.. ومبروك لمصر كلها.

>> الأمان + لقمة العيش + التعليم + الصحة + وظيفة لكل خريج + ضبط الأسعار .. هذا هو ما نطلبه من الرئيس فى ولايته الثانية لمصر .. وهو يقدر وربنا معاه.. >>

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف