الأهرام
شوقى السيد
فى مواجهة «حرب الشائعات » وسباق التصريحات!
نجحت الدولة فى محاصرة الشائعات والأخبار الكاذبة ومقاومة بثها على شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة، إنقاذاً لما يمكن انقاذه، لما يسببه تداول هذه الأكاذيب من تهديد لمصالح البلاد وأمنها وإحداث الفتنة وإثارة الرأى العام، خاصة بعد أن تطورت وأصبحت وسيلة لارتكاب الجرائم، ففى مواجهة حرب الشائعات، اتخذت الدولة جهوداً كبيرة لمحاصرتها ومقاومتها، والإعلان عن تطبيق نصوص التجريم والعقاب ضد مرتكبيها، فاعلين كانوا أو شركاء، وسواء كانوا قد قصدوا سوءاً أو غير ذلك، متى كان الفعل فى ذاته كاذباً وغير صحيح، وكان حقاً على الدولة ألا تقف متفرجة أمام انتشار الظاهرة، خاصة بعد انتشارها وهو ما اشار اليه رئيس تحرير الأهرام ونبه الى خطورتها فى ندوة الشباب وبناء الدولة وجامعة القاهرة من واقع دراسة حديثة أنها قد بلغت 52 ألف شائعة خلال 60 يوماً أى نحو ألف شائعة يومياً وأن الإعلام يستهلك منها نحو 30%، فضلاً عن أنها قد أصبحت وسيلة لارتكاب الجرائم أو الإيقاع بالضحايا، والمساس بأمن الدولة وحمايتها من الاضطراب والفتن ورعاية حقوق الناس وحرياتهم، ولعل ما حدث لمقتل طالب الهندسة الأسبوع الماضى من خلال التسويق الإلكترونى على شبكات التواصل الاجتماعى ما يعتبر من الجرائم التى تهدد أبناء الوطن.. وهو خير شاهد ودليل. وكان خير شاهد ودليل أيضاً اعتراف الشاب الأمريكى زمارك زوكر بيرجس مؤسس موقع face book فى تدوينة الكترونية نشرها على حسابه الخاص بأن الموقع شهد اخفاقات كثيرة، وتم استخدامه كأداة للتحريض على العنف والكراهية، وبث الأخبار الوهمية، وحالات التحرش المستمرة والتهديدات، وأنه يواجه أخطاء كثيرة جداً، وسوء استخدام واستغلال للموقع، وتعهد بإصلاح موقعه عام 2018، ودراسة الجوانب السلبية للتشفير والعملات المعماه وسد الثغرات لأن الموقع ظل محل شك فى السنوات السابقة، كما أكد أنه لن يستطيع أن يمنع كل الأخطاء أو الإساءات. كذلك فإن الاكتشافات والأبحاث العلمية لا تقف نتائجها عند حد، وتصل الى نجاحات مبهرة فى صالح الإنسانية، لكنها فى ذات الوقت فى حاجة الى مواثيق شرف أخلاقية تحد من آثارها السلبية التى تمثل خطراً على البشرية، مثل الاكتشافات الطبية وعلوم الزراعة والنبات وزراعة الأعضاء أو الاستنساخ أو الجينيات وغيرها.

لكن أحداً، فرادى أو جماعات أو دولا لا يستطيع أن ينتظر الوعود أو المواثيق، بعد أن أصبح العالم مهددا بالانهيار والإنحدار، لهذا كان حقاً على الدولة محاصرة تلك النتائج والأخطار، فأصدر النائب العام بياناً فى 28 فبراير الماضى لمواجهة حرب الشائعات وبث الفتن والأضرار بمصالح البلاد، وكلف وكلاءه بتتبع تلك الجرائم وضبطها واتخاذ اللازم بشأنها، كما ناقش مجلس النواب مشروع قانون للجرائم الإلكترونية لمحاصرة آثارها المدمرة، كما يدرس خبراء علوم الحاسب والاتصالات كيفية محاصرة تلك الوسائل، للوصول الى الجوانب الإيجابية منها، ويعكف خبراء الاجتماع والقانون بحثاً عن آليات للتخلص من آثارها السلبية ونبذ شرورها وحماية الحقوق والحريات.

لكن ما نراه فى مواجهة سباق التصريحات لبعض كبار المسئولين، وإطلاق البيانات والأرقام بالآلاف، وتواصل النشر دورياً فى شتى المجالات وتداخلها مع بعضها البعض، بين التخطيط والاستثمار والمالية والتجارة واختصاصات الوزارات الأخري، سواء عن عدد الشركات التى أنشئت خلال مدة معينة، وعن زيادة المشروعات والاستثمارات، وعن آلاف فرص العمل التى تحققت، وعن معدل البطالة الذى انخفض، وعن المنازعات التى تم حلها، وعن القضايا التى تم ضبطها، وعن الأحكام التى تم تنفيذها، وعن النجاحات التى تحققت، ولو كانت تلك الأخبار والتصريحات وقفت عند حد التعبير عن التفاؤل أو الأمل، أو بث الثقة لدى الناس، لما كان هناك مشكلة إطلاقاً، لأنها تعبر عن رأى صاحبها حتى ولو كان مسئولاً، لكن تزايد سباق التصريحات والنشر وما يصاحبه من أرقام بالنتائج والأعمال تشكك فى سلامة لغة الأرقام والجمع وتكشف عن المبالغة واللامعقولية بما لا يصدقه العقل، الأمر الذى يتطلب حتى نثق فى صدق البيانات والأرقام أن يكون لدينا جهات معنية بمراجعة تلك الأرقام والتصريحات وتدقيقها للتأكد من سلامتها وصدقها، وإلا أصبحت التصريحات كلاما فى كلام، وكأنها دخان فى الهواء، لن يصدقها الناس بعد ذلك حتى ولو كانت واقعاً، لأن الصدق هو أقصر الطرق الى معرفة الحقيقة!!

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف