الأهرام
سيد عبد المجيد
حرق العلم التركى
فى مستهل عشرينيات القرن الماضي، ومع نشوة الانتصار أراد المحتفون آنذاك إسعاد زعيمهم الغازى فوضعوا العلم اليونانى على الأرض لتطأه قدماه وهو يهم بالدخول لقاعة الاحتفالات.

وجاء قائد حرب الاستقلال مصطفى كمال الذى لم يكن قد لقب بعد بـ «أتاتورك»، وما إن رأى المشهد إلا وامتقع وجهه وظهرت عليه علامات الغضب والاستنكار، مؤنبا وبقسوة المسئولين عن هذا الفعل الشائن فكيف دار بخلدهم أن هذا الأمر يسعده؟ ثم توجه للجمع الغفير الذى كان فى انتظاره قائلا إنه رمز أمة ومن يمتهنه سيوصم بالعار.

هذا هو الدرس العظيم الذى ظل يلازم الأتراك إلى يومنا هذا، فثقافة تحقير الأعلام أو حرقها، ليست فى قاموس أهل الأناضول، فمثلما البياراك التركى عزيز على كل مواطن أيضا أى علم لدولة ما له ذات المنزلة والتطاول عليه جريمة تستوجب العقاب. وطوال عقود الجمهورية ظل هذا السلوك قائما ربما حدث تجاوز مع صعود تيار التأسلم والنعرات الدينية التى هى دخيلة على النسيج العلمانى للبلاد بيد أنه ظل استثناء نادرا وشاذا وحزب العدالة والتنمية الحاكم نفسه رغم أيديولوجيته الإسلامية لم يعرف عنه أنه بارك تلك الأفعال.

وطبيعى اهتز الأتراك هلعا وحزنا وهم يشاهدون على الفضائيات إشعال النيران فى علمهم فى شوارع العاصمة أثينا من قبل محتجين رفضا لاحتجاز أنقرة اثنين من مواطنيهم والحق أن اليونانيين جانبهم الصواب، فتركيا لديها نفس المشكلة وسبق وطلبت من جارتها اليونانية ضباطا مطلوبين للعدالة التى رفضت ورغم ذلك لم تفكر فى إضرام النار بعلمها.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف