المصريون
محمود سلطان
الأمين العام للجماعة.. ليس أمينًا!
كتبت منذ أيام، مقالاً تساءلت فيه، عما إذا كان الرئيس عبد الفتاح السيسي "محقًا"، في إرجاء أية جهود لتسوية الأزمة مع جماعة الإخوان المسلمين.. فالسيسى كان رئيسًا لأهم جهاز لجمع المعلومات وتحليلها "المخابرات العسكرية"، أثناء ثورة يناير، ثم وزيرًا للدفاع في حكومة الرئيس الأسبق محمد مرسي، وبحكم عمله في الوظيفتين بالتزامن مع الحضور الطاغي للجماعة في صنع الأحداث، كان على إطلاع على تفاصيل كثيرة، لم تتح لآخرين، ومن بينها بطبيعة الحال، كل ما يتعلق بجماعة الإخوان المسلمين وملف الإسلام السياسي على تنوعه واتساعه.. ربما تكون خبرة السيسي تلك، قد حملته على الاعتقاد بأنها ـ أي الجماعة ـ لا تستحق "المصالحة" أو "العفو العام" إلا عند نقطة معينة، ربما لم يأت حينها بعد.
هذه مجرد توقعات، فيما يتعلق برؤية السيسي في هذه المسألة تحديدًا.. وما حملني على ذلك، هو ما ورد على لسان الأمين العام للجماعة محمود حسين، في حواره مع فضائية الجزيرة الأسبوع الفائت.
حسين قطع بأن "الجماعة لم ترتكب أخطاء لتعتذر عنها".. الرسالة التي تضمنتها هذه التصريحات، جاءت في صالح التيار الاستئصالي الذي يعتقد بـ"تبلد" التنظيم، وأنه لا يستحق إلا القمع والتغييب داخل السجون والزنازين المظلمة.. وأنه لا يستحق "التعاطف".. وأن المحنة الأسوأ في تاريخه، لم تغير فيه شيئًا وأنه على حاله ـ محلك سر ـ منذ نشأته في الثلث الأول من القرن الماضي، لا يريد أن يتعلم أو يتطور أو يفهم أن الدنيا تغيرت.
الرسالة التي أبرقها الأمين العام للجماعة من على فضائية الجزيرة، وبعدها على موقع "عربي 21"، لم تراع المآسي المروعة التي يكابدها إخوان الداخل في السجون والمعتقلات أو أسرهم وعائلاتهم.. ناهيك عن الهاربين والمشردين في المنافي، ومآسيهم مع قادة إخوان المهجر.
كلام حسين يعني تحريضًا فجًا لآلة القمع، وشرعنة للانتهاكات، وإحباطًا للقوى المحبة للسلام والاستقرار والمصالحة، حتى حينما تحدث عن الخلافات داخل الجماعة، تحدث عنها بنزعة إقصائية: "كل من خالف ليس إخوانيًا"!!
كيف ـ إذن ـ تطمئن القوى الوطنية الأخرى، على نفسها ووجودها ودورها الوطني، حال عادت إليها جماعة لا تؤمن بالتنوع وبالخلاف وقبول التباينات، حتى من داخلها، حين سحب حسين من كل مخالف "هويته" الإخوانية (ليسوا إخوانا)!!
تصريحات حسين كانت صادمة، وتركت انطباعًا بأن المحنة ستطول، وهدر الطاقات ونزيف العمر في السجون والدم في الشوارع لن يتوقف.. لأنه ـ أي حسين ـ يرى أن جماعته "ربانية" لا تخطئ.. ولا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها. رغم أنها كانت سببًا رئيسيًا في ضياع البلد ووضعها في أسوأ اختبار وجودي لم تعرفه عبر تاريخها كله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف