فيتو
رمضان البية
رسالة إلى وزير الأوقاف
توفى صديق عزيز لي يوم الجمعة الماضي، فتوجهت إلى منطقة الخانكة لتشييع جنازته، وعندما وصلت علمت أنه سيصلى عليه بعد صلاة الجمعة، بأحد المساجد بالمنطقة التابعة للجماعات السلفية، فدخلت المسجد ووجدت غالبية المصلين ملتحين وفي وجوههم غلظة، ولم أر مذياعا لسماع قرآن الجمعة، فسألت لماذا لا نسمع قرآن الجمعة السابق للآذان، والذي يهيئ النفوس للصلاة، فقالوا القرآن قبل الجمعة بدعة وضلالة ومخالفة للسنة.

حزنت في نفسي على جهلهم بالدين، ومفهوم البدعة، وآثرت عدم الجدال معهم، وبعد قليل انطلق صوت الأذان من المساجد المجاورة ولم يقم أحد لرفع الآذان، فسألت عن المؤذن لرفع الأذان، فقالوا نحن هنا نصلي بأذان واحد، ولن نؤذن حتى يصعد الخطيب المنبر، فقلت أين الخطيب: قالوا لم يأت بعد ونحن في انتظاره.

فقلت: ممكن أي حد يخطب ولا نؤخر الصلاة، واحنا معانا متوفى والتعجيل بالجنازة من السنة، قالوا: نحن في انتظار الإمام، مرت قرابة النصف ساعة وتعالت أصوات خطباء الجمعة في المساجد المجاورة وأوشكوا على الانتهاء من صلاة الجمعة، ونحن في انتظار سيدنا الشيخ السلفي، مع اعتذاري للسادة السلف الصالح، فلم أتمالك نفسي فقمت وقلت يا مشايخ كده غلط ومخالف للشرع، كيف تأخروا صلاة الجمعة، قالوا: لن نبدأ حتى يأتي الإمام ويصعد المنبر.

فقلت: لو مات الإمام أو تعرض لحادث سير، أو حدث له أي طارئ، أو ظرف ما، ألن تصلوا الجمعة؟!

وأكملت: ياجماعة إن لم يكن بينكم من يخطب فأنا فلان الكاتب والداعية الإسلامي ممكن أخطب، قالوا عارفينك أنت صوفي وغير ملتحٍ، والصوفية مخالفون للكتاب والسنة، وأهل بدع وضلالات.

وتعالت الأصوات في المسجد بين مؤيد ومعارض، فما كان مني إلا أن أقول حسبي الله ونعم الوكيل، للأسف أنتم أجهل الناس بالسنة النبوية الصحيحة، وأنتم تقلدون بلا فهم ولا تفهمون معنى مفهوم البدعة، وأخذتم حديث النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم على عاهله ودون فهم.

وخرجت من المسجد وتوجهت إلى مسجد آخر كي ألحق الصلاة، وكان الخطيب في آخر خطبته، والحمد لله صليت الجمعة وانتظرت الجنازة عند المقابر وجاءت بعد نحو ساعتين، وسألت عن سبب التأخير قالوا إن الخطيب كعادته يطيل في الخطبة.

هنا أتوجه إلى وزير الأوقاف ومدير عام المساجد وأسأل أين أنتم من هذا الهراء والفكر المتشدد المغلوط؟ وكيف يسمح لمثل هؤلاء الضالين باعتلاء المنابر وبث فكرهم المغرض في نفوس الناس؟ خاصة الصبية والشباب، وأين مفتشي وزارة الأوقاف بالمنطقة؟ وأين الرقابة على المساجد؟!

يا سيادة الوزير: تعلم جيدا أن مصرنا تعاني من أصحاب الفكر المشدد العقيم الذي يخرج الدواعش والإرهابيين وسافكي الدماء وقتلة الأبرياء ومروعي الآمنين، مطلوب تطهير المساجد التي تبث الفكر المتشدد وغلق الزوايا البعيدة عن أنظار وزارة الأوقاف، ومطلوب محاسبة مفتشي المساجد لعدم متابعتهم للخطباء، وأئمة المساجد ومراجعة فكرهم المسموم الذي أفرز للمجتمع الإسلامي الدواعش والجماعات المتطرفة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف