المصرى اليوم
اسلام الغزولى
المملكة العربية السعودية والتحولات الجذرية- 2
تناولت الأسبوع الماضي ما تمر به المملكة العربية السعودية اليوم من متغيرات إصلاحية جذرية تعد هي الأجرأ منذ تأسيسها في سبتمبر 1932، تلك الإصلاحات التي بدأت في نهايات العام 2017 وهو العام الذي وصف بأنه «عام التحول» بالنسبة للمملكة العربية السعودية، وأشرت إلى أن كافة المتابعين للشأن السعودية شددوا على أن تلك التحولات الجذرية هامة ويجب أن تتم متابعتها بدقة، نظرا لما ستمثله من نقلة نوعية في منطقة الشرق الأوسط. قرارات عديدة تصب في صالح المملكة العربية السعودية ويمكن وضعها جميعها، في إطار تطوير مسار المملكة العربية السعودية ضمن ما أطلق عليه «برنامج التحول الوطني 2030» أما الحزمة الثانية من القرارات الإصلاحية التي سأتناول عرضها فقد ارتبطت بشكل مباشر بالانتصار لحقوق المرأة ووصفت بأنها التغيير القوي في المجتمع الذي حدث على مستويات اعتبرت سابقا خيالية للكثيرين داخل المملكة العربية السعودية أو خارجها.

منحت المملكة العربية السعودية للنساء حق المشاركة في الانتخابات كمرشحات وناخبات للمرة الأولى، بعد أن كانت المملكة العربية السعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحرم فيها النساء من التصويت والترشح في الانتخابات، وأصدر الملك سلمان مرسوما ملكيا، أعلن فيه نهاية حظر طويل الأمد على قيادة المرأة على أن يتم تنفيذه بدءًا من يونيو 2018 وبموجب المرسوم الملكي يتم تطبيق أحكام قانون المرور ولائحته التنفيذية بما فيها إصدار رخص القيادة على الذكور والإناث على حد سواء.

جاءت تلك الخطوة الهامة بعد أيام قليلة من السماح للمرأة بالدخول إلى الملاعب الرياضية للمرة الأولى في تاريخ البلاد كما أن قيود الفصل بين الرجال والنساء في السعودية وبدأت تخف ببطء، حيث بإمكانهم الجلوس سويا في الحفلات الموسيقية، وصولا إلى إعطائهم الحق في إصدار الفتوى والتى كانت قاصرة على الرجال، بالإضافة إلى إعداد مشروع قانون مكافحة التحرش، نظرا لما يشكله التحرش من خطورة وآثار سلبية على الفرد والأسرة والمجتمع، إلى جانب السمح للطالبات بدخول الجامعات بالهاتف المحمول كما تدرس المملكة العربية السعودية إلغاء شرط إذن ولى الأمر من إجراءات السفر للمرأة السعودية، وسيتمكن السعوديون من الذهاب إلى دور السينما التي بدأت تفتح أبوابها بعد حوالي خمسة وثلاثين عاما على منعها، بعد الموافقة على منح الحكومة تصريحات لإنشاء دور عرض تجارية للأفلام هذا العام، وأشارت شركات السينما العالمية والإقليمية أن عدد الرواد المتوقع يقدر بحوالي ثلاثين مليون شخص، وفق ما أطلق عليه بالثورة الاجتماعية، بما يعكس حرص واهتمام المملكة العربية السعودية بالمرأة ومنحها كامل حقوقها بما يتماشى والحقوق الشرعية التي كفلها لها الإسلام، وهو الأمر الذي من المؤكد معه أننا على وشك أن نرى تعيين امرأة في منصب وزاري.

ولا شك أن كل تلك القرارات الإصلاحية تساعد بشكل مباشر في تحفيز النمو وتمنح النساء دورا أكبر بكثير في الاقتصاد، حيث تبلغ نسبة النساء في القوة العاملة 22% وتهدف «رؤية التحول الوطني 2030» إلى رفعها لنحو 30% بما يعني أن مشاركة المزيد من النساء في العمل ستكون عنصرا رئيسيا.

إذن.. فالمملكة العربية السعودية بدأت تخطو خطوات ملموسة وجريئة لم تكن معهودة من قبل، يظهر وبجلاء منها محاولة الإدارة الجديدة للبلاد استعادة الدولة من سيطرة تيارات متطرفة حاولت، على مدى عقود كاملة، تغليف قراراتها بالدين وتصدير وجهة نظرها على أنها من الفروض، ومن ثم فهى تحولات جذرية وليست هامشية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف