المساء
السيد العزاوى
التسامح والعفو طريق إلي رحمة الله
من المباديء التي أرسي معالمها الدين الإسلامي الحنيف وحث كل مسلم علي الالتزام بها في مقدمتها التسامح والعفو عمن يسيء للآخرين لأنهما طريق إلي رحمة الله تعالي وفي نفس الوقت يساهم التمسك بهما في دعم أواصر المجتمع ونشر لواء المحبة والوئام في النفوس وتدفع الإنسان المسلم إلي التغاضي عن الإساءات التي قد يرتكبها البعض سواء كانت تنطوي علي أعمال الشر أو غيرها مما يثير الضغائن ويشيع بين الناس نوازع الشر التي تؤلب القلوب وتؤدي إلي هدم العلاقات الاجتماعية وبالتالي زعزعة الاستقرار ونشر الفزع بين أبناء المجتمع وقد أشار الحق تبارك وتعالي إلي أن الإنسان المسلم يجب أن يلتزم بهذين المبدأين ويبتعد عن كل ما يثير الشحناء والبغضاء بين الناس يقول ربنا: "وسارعوا إلي مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين" 133. 134 آل عمران.
وهذان المبدآن يكسبان المسلم هدوء النفس وحب الخير للآخرين والابتعاد عن نشر الشائعات وإثارة الأقاويل الكاذبة. وفي حادثة الإفك التي جاءت آياتها بينات في سورة النور بأن تولي رجل اسمه "مسطح" نشر الأقاويل الكاذبة عن أم المؤمنين السيدة عائشة ــ رضي الله عنها ــ الصديقة بنت الصديق ولم يتورع هذا الرجل عن هذا الافتراء وأذاع الأقاويل الباطلة عن هذه السيدة الطاهرة حين شاهد أم المؤمنين عائدة من أرض معركة بين المسلمين وأعدائهم حيث كان النساء يحضرن هذه الحروب لمهام تسند إليهن ولظروف تعرضت لها أم المؤمنين أدت لتأخرها عن الركب وعندما جاء أحد المكلفين بمتابعة من قد يتخلف من المسلمين وجد السيدة عائشة فتقدم نحوها بكل الأدب والاحترام وغض البصر بما يتواءم مع مكانة زوج رسول الله سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ وصحبها حتي وصلت إلي بيتها عزيزة مكرمة لكن أهل السوء أخذوا يروجون الأكاذيب يقول ربنا مشيراً إلي هذا العمل السييء: "إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم لكل أمريء منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولي كبره منهم له عذاب عظيم" سورة النور وفي الآيات التالية لهذه الآية يوضح ربنا مدي الآثار والأخطار التي ترتب عليها تلك الأقاويل الكاذبة ونبَّه علي أن الذين يقدمون علي أن تشيع الفاحشة بين الناس لهم عذاب أليم في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة وحذَّر في ذات الوقت من الانصياع للشيطان الذي يأمر بالفحشاء.. مخاطر متعددة تهدد أمن المجتمع وسلامته بهذا الأسلوب وأولي بالمسلم أن يتمسك بتقوي الله والالتزام بالسلوك القويم والابتعاد عن نشر الأقاويل عن الناس زوراً وبهتاناً.
الأكثر أهمية في تلك الواقعة التي جاءت تفاصيلها والآثار المترتبة عليها في آيات من سورة النور أن رب العالمين طالب بالعفو عن الذي ارتكب هذا الإثم لأنه عقب انتشار حادثة الإفك وما تعرض له أبو بكر الصديق رضي الله عنه وابنته الصديقة السيدة عائشة أم المؤمنين زوج الرسول ــ صلي الله عليه وسلم ــ وما نالهما من أضرار نتيجة هذا الافتراء قرر أبو بكر الصديق ــ رضي الله عنه ــ الامتناع عن الإنفاق عن هذا الرجل الذي أذاع الأباطيل عن السيدة الطاهرة يقول ربنا: "ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربي والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم" 22 النور. وكما هو واضح من النص أن العفو والتسامح طريق إلي رحمة الله تعالي وأن الصديق أبي بكر ــ رضي الله عنه ــ بادر للالتزام بهذين المبدأين وقام بالإنفاق علي "مسطح" ذلك الرجل الذي كان وراء نشر حديث الإفك وقدم إليه كل ما كان ينفق عليه مبادراً بقوله: "أحب أن يغفر الله لي" امتثالاً لأوامر الله سبحانه وتعالي. ومما تجدر الإشارة إليه أن نشر تلك السماحة والتغاضي عن كل الإساءات لهو من قيم الإسلام الخالدة ويجب أن يدرك كل مسلم متطلع إلي رحمة الله أن يلتزم بالتسامح والعفو لكي يحظي برضا الحق تبارك وتعالي. هدانا الله جميعاً إلي الصراط المستقيم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف