المصرى اليوم
زاهى حواس
كفاية فجوات!
هذه القصة مهمة جداً للمهتمين بالآثار المصرية، خاصة بعد ثلاثة مؤتمرات صحفية عقدت بعد قيام فريق الرادار اليابانى بعمل دراسات ونشر قراءات من داخل مقبرة الملك «توت عنخ آمون»، وخرج علينا وزير الآثار السابق فى ذلك الوقت ليعلن فى المؤتمر الصحفى الأول أن هناك احتمالات للكشف عن مقبرة داخل مقبرة «توت عنخ آمون» وبنسبة تصل إلى 70%، وبعد ذلك دخل الرادار اليابانى مرة أخرى وأعلن، فى مؤتمر صحفى ثان، أن نسبة الاحتمال بوجود مقبرة مخفية تصل إلى 90%، ولم يؤكد أنها للملكة «نفرتيتى».. ثم كانت الطامة الكبرى الإعلان، فى مؤتمر صحفى ثالث، عقد بمقر وزارة الآثار فى الزمالك، أن هناك مواد عضوية كشف عنها خلف الحائط الشمالى. والحقيقة أنه لا يمكن لأى رادار فى العالم أن يشير إلى وجود المواد العضوية، وربما يكون المؤتمر الأخير هو السبب المباشر فى خروج الوزير من الوزارة.

وقد حصلت على كل التفاصيل التى وردت عن طريق الرادار اليابانى وأرسلتها إلى واحد من أهم المتخصصين فى العالم فى موضوع قراءات الرادار، بل عمل مع البعثة المصرية فى حفائر وادى الملوك.. وكانت المفاجأة أن أرسل تقريراً وافياً عن أن هذه القراءات لا تشير إلى أى شىء خلف الحائط الشمالى والغربى لمقبرة الملك «توت عنخ آمون»، بل أرسل شكلا آخر لما يجب أن يكون عليه شكل الجدار فى حالة وجود كشف أو مقبرة خلف الجدار. وبعد ذلك أرسلت الجمعية الجغرافية راداراً آخر وقد أكد عدم وجود أى شىء خلف حائط مقبرة توت عنخ آمون.

وهنا أود أن أوضح أن ما حدث يدل على عدم الفهم لطبيعة العمل الأثرى، لأن هذه أول مرة فى التاريخ نرى فكرة ترد فى مقال تتحول بين يوم وليلة إلى كشف أثرى!، أما الجديد فى هذا الموضوع فهو أن نفس الشخص الذى أعلن فى المؤتمرات الصحفية الثلاثة وأشار إلى وجود أدلة لمقبرة هو أنه قام بالعمل مع فريق آخر من جامعة تورين يعملون بنوع آخر جديد من الرادار وعملوا داخل مقبرة «توت عنخ آمون» لمدة خمسة أيام، وقد قابلت دكتور فرانكو بروشيلى، رئيس البعثة، بعد أن أنهى عمله داخل مقبرة «توت» وقال لى بالحرف الواحد: «لم نصل إلى أى شىء بعد داخل المقبرة، لأننا لا زلنا نحتاج إلى حوالى ثلاثة أسابيع حتى يمكن أن نترجم البيانات الموجودة على الرادار». ورغم ذلك أعلنت البعثة فى بيان باللغتين العربية والإنجليزية عن وجود فجوة خلف المقبرة تصل إلى خمسة عشر متراً، وكان ذلك فى أغرب ما سمعته ولا أعرف كيف يتم الإعلان عن وجود فجوة داخل المقبرة قبل أن يعلن رئيس بعثة الرادار وجود أى فجوات!.

هذا وأرجو أن نعرف جيداً أن استعمال الرادار فى مناطق الآثار لم يظهر إلى الآن أى كشف أثرى فى مصر، وهنا أنقل لكم تجربة مع نفس الفريق الإيطالى الذى عمل بالرادار داخل مقبرة «توت»، فقد كشفنا أدلة عبارة عن أربع ودائع أساس داخلها فخار ورأس عجل، وتشير الودائع إلى وجود مقبرة، لأن المصرى القديم كان يترك هذه الودائع للدلالة على الانتهاء من بناء المقبرة، وقام نفس فريق الرادار بدراسة الموقع، وأعطوا لنا بيانات بوجود مدخل للمقبرة جنوب الودائع يصل إلى خمسة أمتار تحت الأرض، وقمنا بالحفر فى نفس المكان ولم نعثر على أى مدخل.. من هذه الحكاية أستطيع أن أقول كفاية فجوات، ولا أعرف ما الهدف من إعلان وجود فجوة طولها خمسة عشر متراً داخل مقبرة توت عنخ آمون.. هذه قصة لمن يهمه الأمر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف