الجمهورية
لويس جرجس
القدس المحتلة وذاكرة العرب السمكية
في 6 ديسمبر الماضي قررت واشنطن نقل سفارتها في "اسرائيل" إلي القدس. وفي 9 ديسمبر كتبتُ في هذا المكان مؤكدًا أنه: حين قررت واشنطن نقل سفارتها إلي القدس. كانت تدرك. كما تدرك تل أبيب أن التنديد والشجب المتوقع من جانب العرب لن يؤثر في قرارها. ولأن العرب لا يملكون سوي هذا حاليًا في ظل ما يعانونه من حروب وانقسامات. فالموضوع إذن ـ للأسف ـ مؤجل الي حين".
واليوم. ومع مرور أقل من ثلاثة أشهر فقط علي قرار واشنطن ـ الذي قابله العرب. شعوبًا وحكومات. بعاصفة "عاتية" من التنديد والشجب. والتأكيد أن الولايات المتحدة لم تعد صالحة للعب دور الوسيط في قضية "سلام الشرق الأوسط". صرح وزير الخارجية سامح شكري ـ عقب اجتماع مشترك بين وزراء الخارجية الأوروبيين وزملائهم من مصر وفلسطين والاردن والامارات والسعودية والمغرب. وبمشاركة جامعة الدول العربية. بأنه "لا غني عن أمريكا في عملية السلام"!!.
ولأن هذا التصريح يؤكد ما سبق ان قلته حول إدراك واشنطن وتل أبيب التام بالمدي الذي يمكن أن يصل اليه العرب في رفضهم للقرار. كما يؤكد أن لدينا "ذاكرة السمك" بالغة القصر بحيث لا تحتفظ بالخبرات إلا لثوان معدودة. فمن المفيد أن نتذكر معًا ـ لعل الذكري تنفع المؤمنين ـ بعض ردود الفعل التي أعقبت القرار الأمريكي. ونبدأ القصة من أولها: في 1980 ضمّت إسرائيل الجانب الشرقي من القدس الذي وقع تحت الاحتلال في 1967. لكن المجتمع الدولي لم يعترف بإعلان سلطات الاحتلال المدينة المقدّسة عاصمة لهم. وظل الموقف الدولي يعترف بهذا الجزء فلسطينيًا. وجاء اتفاق أوسلو في 1993 بين الفلسطينيين واسرائيل متضمنًا الالتزام بعدم المساس بوضع مدينة القدس. وتأجيل بحثها إلي مفاوضات الحل النهائي.
وفي 6 ديسمبر الماضي كان القرار الأمريكي المخالف لكل الاتفاقات. وكان الرد العربي "العنيف". حيث قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يمثل "إعلاناً بانسحاب الولايات المتحدة من ممارسة دورها الذي كانت تلعبه خلال العقود السابقة في رعاية عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين". ووصفت الجامعة العربية القرار بأنه إجراء خطير من شأنه أن تكون له تداعيات في المنطقة. وسيضع علامات استفهام حول مستقبل دور الولايات المتحدة كـ"وسيط موثوق فيه" في محادثات السلام. واستنكرت الخارجية المصرية القرار الأمريكي. وأكدت أنها ترفض أية آثار مترتبة عليه. وجاء في بيان الوزارة أن "اتخاذ مثل هذه القرارات الأحادية يعد مخالفًا لقرارات الشرعية الدولية. ولن يغير من الوضعية القانونية لمدينة القدس باعتبارها واقعة تحت الاحتلال". وحذرالأزهر من "التداعيات الخطيرة لقرار ترامب الذي تجاهل مشاعر أكثر من مليار ونصف المليار مسلم". وأكدت السعودية أن الخطوة الأمريكية تمثل "تراجعًا كبيرًا في جهود الدفع بعملية السلام وإخلالًا بالموقف الأمريكي المحايد تاريخيًا من مسألة القدس". ومثلها قالت الامارات إنه "انحياز غير مبرر في موقف الولايات المتحدة". وعقد الأزهر والاوقاف مؤتمرين عالميين لنصرة القدس أكدا التنديد الشديد بالقرار. وهددا بمواقف متصاعدة ضد واشنطن.
ثم جاء تصريح وزير الخارجية. بمباركة وزراء خارجية خمس دول عربية أخري. ليؤكد ما سبق وقلناه من أن واشنطن وتل أبيب كانتا تدركان جيدًا المدي الذي يمكن أن يصل اليه الرفض العربي للقرار الأمريكي بـ"اضفاء الشرعية علي احتلال القدس". الأمر مؤجل إذن الي حين يفيق العرب.
لقطة:
مهرجان أسوان لسينما المرأة. ومهرجان الاقصر للسينما الافريقية. جميل جدًا هذه المهرجانات خارج القاهرة والاسكندرية. وأتطلع لمزيد من المهرجانات الدولية في الصعيد خصوصًا. وحبذا لو كان في المدن الصغيرة وليس في عواصم المحافظات. مهرجان في الفشن. مهرجان في العدوة. مهرجان في منقباد. مهرجان في طما. وهكذا حتي تتحول مدن الصعيد كلها إلي مدن عالمية يزورها رواد المهرجانات. فتتزين وتتجمل للزوار. ولمواطنيها في المقام الأول.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف