الوطن
محمد صلاح البدرى
أكاديمية يستحقها الوطن!
حين بدأ الرئيس عبدالفتاح السيسى حملته الانتخابية الأولى منذ أربع سنوات مضت.. كان التصريح الأقوى والأغرب له أنه لا يملك برنامجاً انتخابياً محدداً.. ولا يعد سوى بالعمل والعمل فقط!

الأمر قد استدعى كثيراً من النقد والاستنكار وقتها بين محترفى العمل السياسى ومهندسى الانتخابات الذين يحترفون وضع البرامج الانتخابية، ويجيدون إصدار الوعود التى لا يُنفّذ منها شىء فى الأغلب.. لكنه قد تحدى الجميع.. ونجح فى أربع سنوات أن يحقق ما كان سيعجز حتماً عن كتابته فى برنامج محدد.. فضلاً عن أن يصدقه الناس!!

ربما لسنا بصدد الحديث عما تم تنفيذه على أرض الواقع.. لكننا ينبغى أن ننظر بدقة وتأمل إلى ما يُعد فى رأيى أهم إنجاز حققه نظام السيسى عبر سنواته الأربع.. وربما عبر تاريخ هذا الوطن منذ أن نشأ بمفهومه الحديث.. وهو الأكاديمية الوطنية للتدريب!!

لقد أدرك الرئيس أن أكبر مشكلة تواجه الجهاز الإدارى لأى دولة فى العالم هى وجود آلية محترفة لتدريب وتخريج كوادر تصلح لتولى المناصب الإدارية على اختلاف مستوياتها.. فغياب تلك الوسيلة هو المدخل الرئيسى لأى وساطة أو محسوبية.. والسبب الرئيسى لخلل معايير الانتقاء.. وتفضيل أهل الثقة على أهل الخبرة والكفاءة.

لقد كانت الرؤية الأهم لنظام «السيسى» هى الاستعانة بأكبر ثروة على أرض هذا الوطن.. ثروته البشرية وقطاعها الشبابى على وجه التحديد.. فكان الهدف الأساسى هو تأهيلهم، تمهيداً لدمجهم فى دولاب الدولة على أسس علمية سليمة!

لقد بدأ الأمر بالبرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة.. والذى تمكن من تخريج دفعتين كاملتين حتى هذه اللحظة..!

والواقع أن أى مراقب محايد يمكنه أن يعترف بأريحية كاملة.. أن ذلك المشروع هو إنجاز لم يسبق له مثيل من قبل.. وكل من اقترب من هؤلاء الشباب سيدرك جيداً كيف نجح البرنامج فى التأثير على نموهم العقلى والذهنى.. وسيدرك كيف تحولوا إلى شخصيات متكاملة مسئولة تعى جيداً مفاهيم الأمن القومى.

لقد كان إنشاء الأكاديمية الوطنية للتدريب هو التطور الطبيعى والأكثر شمولاً للبرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة.. وتنفيذاً لأحد مخرجات مؤتمر الشباب الأول الذى عُقد فى شرم الشيخ.

ولا يعكس قرار إنشاء الأكاديمية فقط رغبة النظام فى خلق كوادر شابة قادرة على القيادة وحمل الأمانة فى غضون سنوات قليلة، بقدر ما يطرح أيضاً رسالة تحملها القيادة السياسية على كاهلها، مفادها أن الشباب ينبغى تأهيله وتمكينه بشتى السُّبل، باعتباره حامل راية المستقبل فى هذا الوطن!

وربما تجدر الإشارة هنا إلى حقيقة مهمة.. وهى أن الأكاديمية لم تُنشأ لتكوين ظهير سياسى مساند للرئيس كما يروج البعض، بل هدفها الأساسى هو خلق ظهير مجتمعى ينتمى للوطن.. ويعمل على المستوى القومى، بغض النظر عن الأشخاص!

لقد كان الانبهار الذى ظهر على وجه رئيس الأكاديمية الفرنسية للإدارة خلال زيارته منذ أيام قليلة دليلاً دامغاً على جودة المشروع منذ بدايته الأولى.. ومؤشراً أكثر وضوحاً على نجاح الفكرة.. ووضوح الهدف والرؤية.

ستصبح الأكاديمية الوطنية للتدريب مصدراً محترفاً لتخريج الكوادر المؤهلة.. وسبباً رئيسياً لإنهاء حالة الجدل حول أهل الثقة أم أهل الخبرة.. فسيندمج الجميع تحت تلك المظلة الرائدة.. وستصبح مصر أول من اعتمد على ذلك الأساس العلمى لخلق جيل جديد يستحق ذلك الوطن.. أو يستحقه الوطن!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف