الوفد
مجدى سرحان
البلطجى التركى صناعة غربية
ليس خافياً أن دول العالم.. وخاصة الدول الغربية.. تمارس سياسة الصمت المخجل تجاه «البلطجة التركية» فى منطقة الشرق الأوسط.. مما يؤكد أن هذه الدول راضية تمام الرضا عن هذا الدور القذر الذى تمارسه أنقرة تجاه كل الملفات الخاصة بالمنطقة.. وبشكل خاص الملفات الأمنية والاقتصادية.. بل لا نكون مبالغين إذا قلنا إن هذه الدول «الصامتة» هى نفسها التى صنعت «البلطجى التركى».. وأطلقته يعيث فساداً وتخريباً وإشعالاً للحرائق فى المنطقة.. تنفيذاً لمخططاتها التآمرية الاستعمارية الكبرى.. واستغلالاً لحالة «الشبق» التى تداعب أحلام أردوغان باستعادة أمجاد «الخلافة العثمانية»، والجلوس فوق عرشها بأى ثمن.. حتى ولو وضعوا فوق رأسه «سلطانية» من الخزف..!!

•• الآن

تتجول قطع البحرية الحربية التركية فى مياه منطقة شرق البحر المتوسط.. وتنتهك المياه الإقليمية لدول هذه المنطقة.. وخاصة دولة قبرص التى ترتبط باتفاقيات تعاون عسكرى دفاعى وسياسى واقتصادى مع مصر واليونان.. وتعترض سفنها وسفناً غربية أخرى.. وتمنعها من ممارسة أعمالها المتعلقة باستخدام منشآتها النفطية الواقعة فى عمق منطقة مياهها التجارية.. بل وتهددها صراحة بالتصعيد العسكرى ضدها.. وتعلن فى بجاحة متناهية وتحدٍ واضح عدم اعترافها باتفاقيات ترسيم الحدود بين مصر وقبرص واليونان.. بما يضع الدول الثلاث أمام خيار الاستعداد والاستنفار العسكرى؛ تحسباً لحرب حقيقية قد تنشب فى المنطقة.

ومع ذلك لم يصدر أى رد فعل.. ولو من باب ذر الرماد فى العيون.. من أى من دول العالم الغربى.. أو من جانب تجمعاته الإقليمية مثل الاتحاد الأوروبى الذى يجمعه بتركيا علاقة شراكة تحدوها الرغبة العارمة من جانب أنقرة فى أن تتحول هذه العلاقة إلى عضوية كاملة فى الإتحاد.. وكذلك مثل حلف شمال الأطلسى «ناتو» الذى يقوم فيه الجيش التركى بدور فاعل ومؤثر.



•• ومن قبل

مارست دول العالم أيضاً.. سياسة التخاذل والموالسة والتدليس.. تجاه المجازر التى ارتكبتها القوات التركية.. وما زالت ترتكبها فى شمال سوريا.. ضد المدنيين العزل والنازحين واللاجئين من غير «السُنَّة» أو من غير المسلمين الذين استجاروا بهذه المنطقة من أهوال المذابح التى ارتكبتها ضدهم عصابات «داعش» الإرهابية.. فإذا بالأتراك يحصدون أرواحهم بالقصف المدفعى العشوائى وبالغارات الجوية وبالاجتياح البرى لأراضيهم.. فيصبح حالهم كحال «المستجير من الرمضاء بالنار».

لم تصدر إدانة واحدة من هذه الدول تجاه حرب الإبادة التى تشنها تركيا ضد أكراد سوريا.. ولم تحاول المنظمات الدولية، أيضاً، إبداء أى تحرك إيجابى للتحقيق فيما أعلنه الأكراد من استخدام القوات التركية أسلحة محرمة ضدهم.. وحتى عندما تحركت بعض الدول لمحاولة استصدار قرار من مجلس الأمن بإعلان هدنة فى سوريا ووقف المذابح الدائرة فى الإقليم الشمالى بوجه خاص.. اصطدم هذا القرار بخلافات «القوى الكبيرة» فى المجلس حول صياغة بنوده.. وتأجل التصويت عليه لمحاولة احتواء الخلاف، ومنع روسيا من استخدام حق «الفيتو» تجاهه..!!

•• هذه صورة فاضحة من صور الازدواجية المقيتة التى يمارسها الغرب تجاه قضايانا الإقليمية.. والتى أصبحت بكل أسف جزءاً لا يتجزأ من النظام الدولى الجديد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف