اليوم السابع
كريم عبد السلام
رسوم تكرار العمرة.. برافو وزارة السياحة
لا أدرى لماذا هذه الضجة حول قرار وزارة السياحة بفرض رسوم إضافية على راغبى تكرار العمرة خلال ثلاث سنوات؟ بيانات وشجب وزعيق وصراخ من بعض شركات السياحة ولمز وغمز من نواب حزب النور ومشايخ الحركات السلفية، وكأن الدولة قررت إيقاف رحلات الحج والعمرة ! كيف لم يفكر أحد من المعترضين أو الصارخين واللاطمين على صدور القرار أن تكرار العمرة كل سنة جعل من الشعيرة الدينية حكرا على فئة معينة هى وحدها التى تستطيع أداءها ودفع تكاليفها مهما ارتفعت؟

وكيف تجاهل هؤلاء الصارخون اللاطمون أن الممكلكة العربية السعودية تفرض رسوما مماثلة على من يكررون العمرة خلال ثلاث سنوات، بل لم يفتح وكلاء شركات السياحة ومشايخ السلفية أفواههم بكلمة ضد الإجراءات الجديدة التى اتخذتها المملكة لتنظيم عملية العمرة ومواسمها واعتبروها حقا للإدارة السعودية لا يجب مناقشته، وإذا سلمنا بهذا المنطق فلماذا الصراخ والعويل والانتقاد المستمر للقرار المماثل من قبل الإدارة المصرية؟

من حق الإدارة المصرية أن توفر المناخ التنافسى الشريف فى كل الأنشطة والسلع والفعاليات، حتى فى رحلات السياحة الدينية، فللفقراء ومحدودى الدخل الحق فى أداء الفرائض والشعائر الدينية بتكاليف معقولة، بدلا من تحويلها لسلعة استعراضية ترفية يستفيد منها التجار ووكلاء شركات السياحة فقط، بعد تفريغ الشعائر الدينية من مضمونها وأهدافها السامية.

تكرار الحج والعمرة، جعل وكلاء السياحة والسفر وتجار الشعائر يصممون أشكالا استعراضية ما أنزل الله بها من سلطان، ومنها الحج الفاخر والحج السريع والعمرة الفاخرة والعمرة المميزة والعمرة السريعة والعمرة المثالية، وكذا تحويل الشعائر إلى نوع من الجوائز والسلع المتبادلة لتشغيل مكاتب السياحة فى مصر والسعودية لا أكثر ولا أقل، وانتهى الأمر إلى أن يستعرض الحاج فلان أنه حج عشرين مرة واعتمر ثلاثين أخرى والباشا علان الذى يعتمر ويحج كل سنة بالشىء الفلانى معددا أشكال البهرجة والترف التى يلقاها من شركة السياحة الغالية، بينما يقول الله فى كتابه العزيز «ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا»، «آل عمران - 97».

المشكلة ليست إطلاقا فى فرض رسوم إضافية على راغبى تكرار العمرة ممن أدوها خلال السنوات الثلاث الماضية، وليست فى مضاعفتها على من يرغبون فى أداء العمرة أكثر من مرة خلال عام واحد، فهذا الإجراء نوع من الضوابط الإدارية التنظيمية التى تسعى إلى منح جميع المواطنين نفس الحق فى أداء الشعائر المحكومة فى النهاية بعدد محدد لكل دولة، دون المغالاة فى تكاليفها من قبل شركات السياحة، ودون أن تحتكر شركات بعينها العدد الأكبر من تأشيرات العمرة.

المشكلة الحقيقية فى شركات السياحة التى حولت الشعائر إلى نوع سلعة ترفية يتسابق إلى أدائها المقتدرون بهدف الاستعراض فى مجالسهم بعدد مرات أدائها، والمشكلة فيمن وراء شركات السياحة ممن تخلوا عن الآية الكريمة فى سورة آل عمران من أن حج البيت وزيارته لمن استطاع إليه سبيلا، فحولوها إلى سلعة واجبة وزرعوا فى أذهان الناس أن عليهم الاستدانة والاقتراض ورهن الممتلكات والتضحية بالمدخرات الخاصة بزواج البنات ومستقبل الأبناء من أجل تكرار العمرة.

قرار وزارة السياحة بزيادة الرسوم على تكرار العمرة هو أول قرار رشيد يواجه سفه شركات السياحة ومن ورائها ممن وجهوا المصريين إلى أن يكون مشروعهم الأساسى هو تكرار العمرة والحج بأى صورة من الصور وبصرف النظر عن الوسيلة التى تم تدبير التكاليف بها، الأمر الذى يصب فى جيوب قلة من المستفيدين، ويعسر الأمر على الأغلبية وينحرف بالشعيرة الدينية عن مقاصدها، وكل ما أرجوه ألا تتراجع وزارة السياحة عن قرارها الجرىء الموازى لقرار الحكومة السعودية لترشيد تسليع الحج والعمرة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف