المصريون
جمال سلطان
جون السيسي أم فوز نتانياهو ؟!
تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم في مؤتمر المستثمرين عن قضية الغاز التي تشغل الرأي العام كله حاليا ، لأنها ثروة مصر وأجيالها المقبلة بالكامل ، ووصف السيسي الحدل الدائر بأنه إيجابي وأنه يسعده بشكل شخصي ، وأرجو أن يكون ذلك صحيحا ، وأن تتسع الصدور لقلق الناس وفزعهم مما يجري ، كما أنه من المهم أن يواجه المسئول الرفيع الناس ، ويتحدث إليهم ويجلي لهم ما يراه الحقائق ، غير أن كلمة الرئيس اليوم لم ترو ظمأ الباحثين عن الحقيقة ، لأنه اكتفى بإشارات عابرة ، دون الحديث عن الأرقام والمعلومات المتداولة .
قال السيسي أننا "جبنا جول يا مصريين" والمفارقة أنه نفس التعبير الذي استخدمه الإعلامي عمرو أديب ، ثم علق بأن الحكومة ليست طرفا رئيسيا في صفقة الغاز وأننا ليس لدينا ما نخفيه ، لكن الحقيقة أن الدولة أخفت عن الناس الموضوع برمته ، ولم نعرفه إلا بعد أن أعلنت عنه إسرائيل ، لقد عرفناه من بنيامين نتانياهو وليس من أي مسئول مصر مع الأسف ، وهذا جزء من استفزاز الناس ، ولم يتكلم المسئولون في مصر إلا بعد الضجة التي أثارها الإعلان الإسرائيلي عن الصفقة الضخمة ، بل إن كبار المسئولين في الحكومة ظهروا مرتبكين وقالوا أنه ليس لديهم أي معلومات ثم بعد ذلك قالوا كلاما متضاربا ، فإذا كان هذا حال المسئول فكيف يكون انطباع المواطن العادي .
ثم إن الحديث عن أن الحكومة ليست "طرفا أساسيا" في التعاقد ، يعني ضمنا أنها طرف ، ومسألة أساسي وغير أساسي مسألة تقديرية ، المهم أن الحكومة طرف في الاتفاقية ، وكون الدولة ـ حسب تعبيره ـ "جابت جون" يعني أنها لاعب أساسي في الاتفاقية ، ولا يعقل ابتداء أن صفقة بقيمة خمسة عشر مليار دولار تتركها الدولة لرجل أعمال وشركته الخاصة ، في حين أن الدولة تزاحم رجال الأعمال في استثمارات أصغر من ذلك بكثير ، كما أن كون الاتفاقية مع "إسرائيل" بكل متعلقاتها الدولية والإقليمية وارتباطها بالأمن القومي المصري في صميمه يجعل من الصعب استيعاب أن الحكومة ليست طرفا ، إن المواطن لا يمكنه أن يستورد "بسكلته" من إسرائيل بدون مراجعات على أكثر من مستوى أمني وغير أمني ، فهل صفقة ضخمة بهذا الحجم وتستخدم البنية الأساسية للدولة تتم بدون تدخل من الحكومة المصرية ؟ .
لا أفهم ما هو الجول الذي أحرزناه ، كنت أتمنى أن يشرح لنا الرئيس المكاسب التي ستدخل إلى خزينة الدولة بالأرقام وكيفية تحصيلها ثم يصفها بالجول أو بالدوري أو الكاس براحته ، لقد تحدث نتانياهو بلغة الأرقام وقال أن خمسة عشر مليار دولار ستدخل خزينة الدولة وسيتم من خلالها دعم الصحة والتعليم ورفاهية المواطن الإسرائيلي ، في حين أن ما نسمعه هنا هو "الجول" الذي أحرزناه ، كم يساوي هذا الجول ، وكيف ، وأين يذهب ؟ .
كذلك ، فالصدمة أتت من كون هذا الإعلان يأتي بعد أسابيع قليلة من افتتاح الرئيس حقل "ضهر" للغاز ، في احتفالية كبيرة ، واعتبره الرئيس نقلة هائلة وسيوفر على الدولة المليارات وسيحقق الاكتفاء الذاتي ويفيض للتصدير ، ثم إذا بنا نعرف ـ من قادة "إسرائيل" ـ أننا نتعاقد لاستيراد الغاز ولمدة عشر سنوات ، فما هي حقيقة الموقف في حقل "ضهر" للغاز ، وما هي ردود الحكومة على ما نشرته الشركة الروسية على موقعها الرسمي من أنها تمتلك 30% من الحقل منهم حوالي 5% حصة دولة قطر في الشركة ، ثم هناك 60% لشركة إيني الإيطالية ، ثم هناك 10% لشركة بي بي البريطانية ، ومجموع ذلك 100% ، فأين هي حصة مصر ، وهل فيما أعلنته الشركة خطأ ، كل تلك أسئلة مفزعة تدور على ألسنة الناس الآن ، ولا بد من جلائها وتوضيحها لمنع اللبس ، لا بد من الصراحة والمكاشفة .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف