الأهرام
وحيد عبد المجيد
صراع طبقى جديد
يعتقد كثيرون أن الصراع الطبقى ليس إلا مفهوماً اخترعه عالم الاجتماع والفيلسوف كارل ماركس، وبنى عليه نظرية غيرت العالم. غير أن الصراع الطبقى فى الواقع هو أحد أشكال التفاعلات الاجتماعية فى مختلف المجتمعات. ما فعله ماركس هو أنه نقل هذا الصراع من المجتمع إلى العلم، وسعى لبناء منهج لتحليله.

ومازال هذا المنهج مفيداً فى تحليل كثير من الظواهر الاجتماعية، لأنه ليس جزءاً من النظرية التى تجاوزها الزمن بعد أن جمدها من استخدموها فى السيطرة على السلطة فى عدد كبير من الدول بعد الحرب الثانية. المنهج لم يتقادم بخلاف نظرية المادية التاريخية التى ارتبطت به، لأنه أداة للتحليل.

ويُفيد هذا المنهج فى تفسير ظواهر جديدة فى مجال الصراع الطبقى لابد أن يكون بعضها مثيراً لدهشة ماركس إذا بُعث حياً. ومن هذه الظواهر ما يحدث فى أمريكا ترامب المدهشة فى مجالات كثيرة. اعتمد ترامب فى حملته الانتخابية خطاباً ذا بُعد طبقى لمخاطبة العمال الصناعيين الذين فقدوا وظائفهم، والمهددين بأن يفقدوها، والمتطلعين إلى أوضاع أفضل، ووعدهم بأنه سيرغم الشركات والمصانع التى نقلت أعمالها إلى بلدان أخرى سعياً إلى عمالة أرخص على العودة0

ودلالة ذلك أن ترامب أثار صراعاً طبقياً بين العمال وقطاع مهم من أصحاب الأعمال التى «تعولمت»، واستفادت من المزايا التى تتيحها العولمة للشركات الكبيرة. ووقف فى صف العمال فى هذا الصراع.

ولكن ترامب يظل أحد أصحاب الشركات الكبيرة، ولكن فى مجال العقارات، وليس الصناعة. ولذلك انحاز إلى من ينتمى إليهم فى السياسة الضريبية الجديدة التى تناولتها فى «اجتهادات» 10 فبراير الجاري، الأثرياء, والأكثر ثراء, هم المستفيدون من هذه السياسة، سواء الشركات أو الأفراد. ورغم أن الطبقة الوسطى تبدو مستفيدة منها, فإن بعض شرائحها ستعانى بسببها بعد سنوات عندما ينتهى أجل الإعفاءات المؤقتة الممنوحة لكثير من شرائحها. وعندئذ ستدفع فئات من الطبقة الوسطى الجزء الأكبر من الضرائب وفق هذه السياسة التى وصفها عالم الاقتصاد صاحب نوبل بول كروجمان بأنها عملية تحايل كبري. وهكذا نجد شكلاً جديداً للصراع الطبقى تنحاز الإدارة فيه إلى قطاع من فقراء الطبقة العاملة، وقطاع واسع من الأثرياء، ضد بعض شرائح الطبقة الوسطي!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف