الأخبار
محمد السيد عيد
إبراهيم باشا وتركيا
في عام 1848 رحل إبراهيم باشا عن دنيانا، وهذا العام تحل الذكري المائة والسبعون علي وفاته. وإبراهيم باشا، لمن لا يعلم، هو مؤسس الجيش المصري الحديث، وأبو العسكرية المصرية، وأبو القومية العربية، فهو أول من تنبه إلي ضرورة أن يتوحد العرب تحت راية واحدة. وقد سئل ذات مرة : إلي أي مدي تصل توسعاتك ؟ فأجاب : إلي حد ما يتكلم الناس وأتفاهم وإياهم باللسان العربي.
كانت تركيا في بداية القرن التاسع عشر سلطنة عجوزاً، يسمونها الرجل المريض، وقرر محمد علي أن ينشئ دولة جديدة فتية تحل محلها، وتولي ولده إبراهيم باشا قيادة الجيش الذي سيتولي إنشاء الدولة الجديدة. وكان لابد له من مواجهة الجيوش التركية التي تدافع عن وجودها، وهذه بعض المواجهات بين القائد المصري والقادة الأتراك :
تقدم إبراهيم باشا بجيشه دون مقاومة تذكر حتي وصل إلي يافا من أرض فلسطين، وأعلنت صيدا وطرابلس وبيروت واللاذقية انضمامها للقائد المصري دون قتال. وحين كان إبراهيم باشا يحاصر عكا تقدم القائد التركي عثمان اللبيب لمواجهته، إلا أن الحامية المصرية في طرابلس أنزلت بعثمان اللبيب الهزيمة قبل أن يصل إبراهيم باشا لقتاله. ولما بلغ إبراهيم باشا أن القوات التركية تتقدم نحوه ترك بعض القوات لحصار عكا واتجه لحرب عثمان اللبيب، وحين علم القائد التركي أن إبراهيم باشا يسير نحوه فر هارباً. وطارد إبراهيم باشا الجيش المهزوم حتي وصل إلي حماة. ثم عاد إلي بعلبك للتزود بالمؤن والذخيرة، فظن اللبيب أن إبراهيم باشا في موقف عسكري سيئ، وقرر أن يتبعه بعد أن كان يجري أمامه، والتقي الجيشان في منطقة تسمي سهل الزراعة، وهناك تمت إبادة الجيش العثماني.
وفي دمشق بادر القائد التركي علو باشا بالهجوم علي القوات المصرية، لكن المعركة انتهت بنصر الجيش المصري وفرار علو باشا إلي حمص. وفي حمص جاء قائد يسمي محمد باشا ليمنع تقدم الجيش المصري لكنه هزم بعد معركة استمرت سبع ساعات فقط، وفر الناجون من الهزيمة إلي حلب. وقبل أن يصل إبراهيم باشا إلي حلب انسحب القائد العثماني حسين باشا إلي مضيق بيلان. وتوالت هزائم الأتراك وانتصارات المصريين حتي صار الجيش المصري علي مسافة يوم واحد من استانبول.
إنها صفحات فخار يجب أن نعتز بها في الذكري المائة والسبعين لهذا البطل المصري العظيم، رحمة الله عليه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف