فيتو
عصام كامل
نهاية عصر الزيطة
عندما زاط الزائطون في قضية الخلافات التي نشبت بين الساسة في مصر والسودان، قلت في هذا المكان: إن دور الإعلام أن يجمع الشعوب ولا يفرقها، غير أن الزائطين لم يلتزموا بما طالبنا به، وظلوا على زياطهم، وانهمكوا في الزيطة، فأصبح أصغرهم زائطا دون أن يدري أن «الزيط» في مثل هذه الأمور خطر كبير، خطر يطال علاقات أبدية تفرضها الجغرافيا، ويغذيها التاريخ، خاصة أن مصر والسودان كانتا حتى وقت قريب مملكة واحدة.

وزاط الناس أي اختلطت أصواتهم، والزياط هو جلبة الصوت، ويبدو أننا أمة تعشق «الزياط»، وتربت عليه، ونمت ثقافتها على فكرته وفلسفته، وأضحى السكوت عنه يعد تخلفا في مسألة الزياط، وأصبح المرء غير قادر على الإمساك بتلابيب الزياط، وربما يفقد جزءا من أهميته في عالم «الزيطة» المتحكم في كل الأمور الآن، حيث لا تستطيع أن تلمح رجلا عاقلا لا يزيط مع الزائطين.

ومن المدهش أن الزياط أصبح لغة دارجة بين النخبة، التي أريد لها أن تكون نخبة، ويكفى أن يشير المسئول إياه إلى الأمر، فتحدث الزيطة، حيث يجتهد الزائطون في الأمر، وكل حسب خبرته في الزياط، غير أنك تستطيع أن ترى مساحة الزيطة مترامية الأطراف على صفحات صحف حكومية، وعلى شاشات فضائيات قومية، وأخرى خاصة، عندما يتبارى الزائطون في الزيطة التي خطط لها كبيرهم الزائط السرى الذي لا يعرفه أحد غير الزائطين!!

أقول ذلك بمناسبة انتهاء عصر الزيطة، بلقاء تم بين وزيري خارجية مصر والسودان، ورئيسى جهاز المخابرات بالدولتين، فحمدا لله أن وصلنا إلى ما طالبنا به من ضرورة عدم الزياط، فيما يخص علاقات بين دولتين يربطهما تاريخ واحد، ومصير مشترك.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف