الوطن
ريهام فؤاد الحداد
علاقة التلميذ بالمدرس (٢)
ويأتى يوم تلطم فيه أفئدتنا بصور ومقاطع فيديو لطلاب يسخرون، بل ويضربون معلمهم فى فجور صارخ وتبجح بالغ، ليخبرونا بهذا المشهد أين وصل الإنسان!!

ومشاهد أخرى لمعلمين غير أفاضل يقومون بتوبيخ وتعذيب وسحق كرامة تلاميذهم، حتى إن بعضهم ربما يقضى نحبه فى تلك المعركة الهزلية الهزيلة.

تلك المشاهد ليست محلية فقط، بل هى على مستوى العالم، مشاهد فجة، محزنة بل ومحرمة، لا أراها تختلف كثيراً عن جرائم القتل والسرقة والانحلال، لأنها باختصار تقود إلى تلك الموبقات سالفة الذكر جميعاً.

العلاقة إن توترت بين قطبى العملية التعليمية واهتز الاحترام أو تلاشى، فأى العلوم تنقل، وعن أى أخلاق نتحدث؟!

المدرسون والتعليميون وجودهم بهذا الكون أساسى، يضاهى بل يغلب دور الآباء والأمهات فى تشكيل وجدان وعقل الأجيال، المدرس يمكث مع الطالب فترة تزيد على فترة مكوثه بالمنزل. تلك الفترة التى يكون بها ذهن التلميذ متفتحاً لاكتساب المهارات والعلوم والأخلاق، يزيد من أهمية المعلمين بالحياة كون أن بعض الأهالى غير واعين كفاية بتربية وتثقيف وتنشئة الأبناء، وهنا يكون إنقاذهم بتولى المدرسين عملية تنشئتهم ورعايتهم فكرياً وروحياً.

إن بدأنا المقال بأكثر الصور بشاعة ورعونة وتطرفاً، فإن هناك صوراً أخرى أقل حدة، لكنها أيضاً غير سوية ولا سليمة، كأن يكون المدرس عصبياً، حاداً، غير أمين فى نقل المادة العلمية أو غير واع بدوره التربوى والسلوكى مع الطلاب، وبهذا يرعب ويرهق تلاميذه، فلا علوم تثبت ولا قيم ترسخ، بل يسهم بابتعاد الطلاب عن العلم والعلوم وتلقيها، فالإرهاق والإرهاب النفسى وعدم التعاطى مع العلوم والتلاميذ بود ومحبة أقصر الطرق للتسرب من التعليم أو الفشل به!!!

كذا الصورة من الناحية الأخرى، فإن وجود الطالب المشاكس غير المهذب، والذى يعانى من عدم التنشئة المنزلية الصحيحة والمحترمة، يرهق أستاذه ويشتت تركيزه ويضعف من همته ويقضى على حماسه فى توصيل المعلومة أو المادة الدراسية!!

الأمر بمنتهى البساطة علاقة طردية، فكلما زاد الود والاحترام بين التلميذ وأستاذه، تفتحت الأذهان للعلوم وسادت القيم والأخلاق بهذا العالم، حينها لا ضرر ولا أمراض نفسية ولا عنف ولا عدوان، أو على الأقل تخف حدة هذه الأمور البغيضة.

نبدأ من أنفسنا من داخل البيوت بأن نربى أبناءنا على احترام المعلم والتزام الأخلاق والآداب العامة، وإن لم نستطع السيطرة على سلوك أبنائنا وعدم تهذيبهم، فلنلجأ للإخصائيين والمعالجين النفسيين، ليس فى الأمر عيب، لكن العيب كل العيب فى ترك أبنائنا دون تهذيب يضيع عليهم وعلى زملائهم فرص تلقى العلوم والمعرفة.

كذلك إن كان المدرس يعانى توتراً ما أو عدم قابلية لتعليم النشء، فليمتهن مهنة أخرى ليس بها تعامل إنسانى بهذه الكثافة، كى لا يوتر جيلاً، الأحرى به أن يتعلم ويتقدم لا أن يُقمع.

الأمر يحتاج لميزان دقيق يوازن بين الطرفين، وهذا الميزان يجب أن يخضع لملاحظة ومراقبة القائمين على المؤسسات التعليمية من مدارس وجامعات ومعاهد، ويجب أن تتحلى هذه الإدارات بالفاعلية والحزم والوعى العلمى والنفسى الكاملين، ليتمكنوا من حل أى أزمة تطرأ بين الطرفين: «التلميذ والمدرس».
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف