التهريب آفة خطيرة تهدد الاقتصاد القومي وتحتاج إلي جهود كبيرة وفعالة للتصدي له ومحاصرته خاصة أنه متغلغل مثل خيوط العنكبوت وتسيطر عليه مافيا من المهربين المحترفين منذ سنوات طويلة ولديهم الكثير من الأساليب والحيل لاختراق المنافذ والموانئ والنفاذ للأسواق.
لقد عانت الأسواق المحلية لسنوات طويلة من الإغراق الكبير بالسلع والمنتجات غير المطابقة للمواصفات والتي تضر بصحة المستهلكين بالإضافة إلي معاناة الصناعة من المنافسة غير المتكافئة مع هذه السلع والمنتجات التي تدخل الأسواق من خلال التهريب وأصبحت شكاوي الصناع في كل مكان تستغيث من طوفان كبير لجميع أنواع السلع والمنتجات التي تدخل من الصين ودول شرق آسيا بكميات ضخمة أدت إلي خفض المصانع لطاقاتها الإنتاجية إلي أقل من 50% وخلال العامين الأخيرين حدث تحول كبير في مواجهة التهريب والسيطرة عليه من خلال الإجراءات المشددة التي اتخذتها مصلحة الجمارك لإحكام الرقابة والسيطرة عليه والمتابعة اللاحقة حتي تم تقليصه بنسبة كبيرة أدت إلي انتعاش الصناعة وزيادة طاقاتها الإنتاجية وتم تنقية الأسواق من خلال وضع آلية للتعاون المشترك بين الجهات المختلفة والصناع ومصلحة الجمارك لمحاصرة التهريب وقد ساعد تشكيل اللجان المشتركة من رجال الصناعة للقيام بدور رقابي أيضاً في إحكام القبضة القوية علي التهريب.
لاشك أن ما يحدث في مصلحة الجمارك من تطوير وتحديث وتغيير في الأداء وفي منظومة العمل انعكس علي تنفيذ الإجراءات بجدية مما ساهم في حماية الصناعة وانتعاشها بالإضافة إلي دورها المهم في حماية الوطن من مخاطر مثل تهريب السلاح والأجهزة المحظورة والممنوعة.
ولأول مرة في تاريخ وزارة المالية تقفز حصيلة الجمارك وتحقق أرقاماً فلكية غير مسبوقة تفوق ما حققته مصالح أخري لصالح الخزانة العامة للدولة فالجمارك هي صمام الأمان في الموانئ والمنافذ ونجحت في إحداث الانضباط والالتزام وسيطرت علي مجريات الأمور وتصدت لعصابات التهريب وقضت علي كل طرق التحايل والتلاعب.
لقد استطاعت مصلحة الجمارك إحداث حراك كبير في سرعة الإفراج عن الخامات ومستلزمات الإنتاج في زمن قياسي دون تأخير وهيأت المناخ الجيد بالتوسع في الإدارات المتخصصة والمتنوعة لتحسين بيئة العمل وتوزيع الأدوار بالإضافة إلي التنسيق الدائم مع رجال الصناعة في وضع أسعار استرشادية للقياس عليها لإحكام الرقابة ومنع التلاعب والتحايل في ضرب الفواتير للحفاظ علي موارد الدولة من الإهدار كما أنها ضبطت العديد من القضايا الكبيرة التي حققت منها حصيلة وموارد ضخمة لخزانة الدولة.