الأخبار
كرم جبر
كل يوم شائعة !
الإعلام المحترم هو الذي يعلي شأن الحرية والممارسة الديمقراطية، ويقود وعي الجماهير إلي الاستنارة، والحفاظ علي مقومات المجتمع وكيان الدولة، ففي عصر تصعب فيه الرقابة، أصبحت القوانين الرادعة هي الحل.. القوانين التي توسع دوائر الممارسة الديمقراطية، ولكنها أيضاً تحفظ الحريات الشخصية، وتصون أعراض الناس، وتكون حائط صد ضد محاولات الإضرار بالمصالح العليا للبلاد.
كل يوم ننام ونستيقظ علي شائعة، لا مصدر لها ولا مصداقية ولا دليل، وتتورط فيها بوابات كبري، من المفترض أنها تحارب الشائعات وتتصدي للممارسات اللا مهنية، وأصبحت المسألة في أمس الحاجة إلي ضوابط رادعة، ولا يصح أن تظل فوضي الميادين مسيطرة علي السوشيال ميديا، فقد انتهت مرحلة البلاغات الكاذبة والاغتيالات الكيدية، وأدت إلي نقل احتجاجات الميادين إلي صفحات الجرائد، ومواقع التواصل الاجتماعي في أكبر عملية تصفية حسابات شهدتها مصر في تاريخها، وركب الإعلام الموجه، وسار علي درب الشائعات، ومروجاً لها وليس مدققًا لما تحويه.
»فيس بوك»‬ تحوَّل إلي منصات اغتيال عشوائية، في فضاء فسيح تسيطر عليه الجماعات الإرهابية، ويدير شئونه الأخ مارك، من خلال قواعد انضباطية لا تعرف الانضباط، وأخلاقية لا تعرف الأخلاق، وتحول من شاشة لتعارف الأصدقاء، إلي مستنقع لاغتيال الأبرياء، ما أكثر ضحاياه الذين جرفتهم تلك الوسيلة الساحرة، دون أن يعرف مخاطرها.. مأساة بعض وسائل الإعلام والإعلاميين، هي الجرأة في ترديد ما تنشره الصفحات المجهولة علي أنه حقائق، دون أن يكلف نفسه مشقة البحث والتحري.
والمأساة أن وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تنقل عن بعضها كالببغاء، وبمجرد أن ينزل الخبر في موقع، حتي لو كان كاذبًا، يسري سريان النار في الهشيم في بقية المواقع الأخري، وخلال دقائق معدودة، يمتلئ الفضاء الإعلامي بدماء الضحايا وأشلائهم، وتنتحر الحقيقة وتسود شريعة الغاب، ولن تأخذ حقك إذا أصابتك سهام الإعلام الكاذب بكل صنوفه، فإذا ذهبت إلي الموقع أو الجريدة، لن تجد قبولًا، وإذا ذهبت إلي المحاكم فأمامك سنوات وسنوات، والأكثر خطورة هي الصفحات المجهولة والمواقع المدسوسة، وصفحات أُسست من أجل الابتزاز والإثارة والتحريض، ولا يمكن أن تصل لصاحبها، وإذا خاطبت الأخ »‬مارك» رد عليك بأنها لا تخالف القواعد الأخلاقية، أخلاق »‬مارك»، التي لا تعرف شيئًا عن معايير الأخلاق، ولا عمليات التدمير الواسعة للأخلاق.
الإعلام ليس سيفاً مصلتاً علي الرقاب، والإعلاميون ليسوا آلهة فوق النقد والحساب، والمهنة يجب ألا تكون مثل الأسواق العشوائية، التي تحتاج إلي إعادة تنظيم، المؤسسات والنقابات والهيئات الإعلامية شركاء في مهمة تصحيح المسار، دون أن تخشي لومة لائم، ولا تخاف من سهام النقد، ولا من فزاعات اغتيال الهامش الديمقراطي، فالهامش الكاذب هو الذي يغتال البقية الباقية من شرف المهنة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف