الوفد
علاء عريبى
المشروعات ومحاربة الزمن
المفترض أن يضع الوزراء صوب أعينهم عامل الزمن عند التعاقد على إنشاء مشروعات جديدة، نحن نحارب الزمن خلال عملية البناء، وإطالة الفترة الزمنية فى بناء المشروعات هو إسراف لن يتحمله الاقتصاد، ويحمل البلاد تكلفة أعلى، ويهدد المشروعات بالتوقف فى حالة تغيير الوزراء أو الحكومات، كما أن المواطن الذى حشر فى عنق الزجاجة لن يتحمل البقاء مخنوقاً لفترة أطول، فهو يريد أن يرى نتيجة تضحياته فى أقرب وقت.

هذه المقدمة نقولها بمناسبة مشروع مدينة الغزل والنسيج التى تعاقد أو سيتعاقد عليها وزير التجارة، صحيح هو من الوزراء المجتهدين، لكن يبدو أنه يعمل أو يفكر بأسلوب النظام السابق الذى كان يتعاقد على المشروع ويتم تنفيذه فى 20 سنة، يجب على الوزراء أن يدخلوا إلى قلب الزمن وألا يكتفوا بمشاهدته فى النتيجة المعلقة على الحوائط.

كان على وزير التجارة، وهو رجل فاضل، أن يفكر فى الزمن، ويجعل الفترة الزمنية جزءاً أساسياً من التفكير فى أى مشروع، من الذى سيعيش لمدة سبع سنوات؟، وما الذى سيطرأ على البلاد من تغييرات خلال هذه السنوات، تعداد السكان، أسعار السلع، والعمالة، تكلفة النقل والوقود والكهرباء والمياه، نحن فى حاجة إلى كل ساعة وليس لكل يوم أو أسبوع أو شهر.

مشكلة مصانع الغزل والنسيج من المشاكل القديمة، طرحت بشكل ملح بعد الثورة، وتفاقمت فى ظل حكومة المهندس إبراهيم محلب، وقد بدأت الأزمة من أرباح ومكافآت وبدلات العمال، ثم تكشفت شيئاً فشيئاً المشكلة الحقيقية، وهى الخسائر الفادحة فى مصانع الحكومة، وإغلاق العشرات من المصانع الخاصة، وذلك بسب قدم خطوط الإنتاج، وارتفاع أسعار الغزل المحلى، واعتماد بعض المصانع على غزل قطن قصير التيلة، وانخفاض سعر توريد قنطار قطن طويل التيلة، وارتفاع أسعار الأصباغ، وغيرها من مكونات الصناعة.

وقد انشغل أصحاب الصناعة ورجال الحكومة بالاختيار بين القطن قصير التيلة الأقل سعرا، وبين قطن طويل التيلة الذى يصل سعره ضعف سعر قصير التيلة، وبالتالى تحميل المواطن فرق التكلفة فى المنتج الذى يصله.

على أية حال، مصر فى حاجة لإنشاء صناعة متطورة فى أقرب فترة زمنية، وذلك للحد من طابور البطالة، وفاتورة الاستيراد، ولخفض فاتورة التكلفة وسعر المنتج، والمفترض أن يضع الوزراء صوب أعينهم قاعدة الزمن، ولا يجب أن ينتظروا الرئيس لكى يلفت نظرهم إليها مع كل مشروع يتفقون عليه، نحن نحارب الزمن، وكلما أنجزنا خلال فترة زمنية قصيرة، نجحنا فى انتشال البلاد من الهوة التى انزلقت فيها منذ نصف قرن، المواطن المصرى لن يتحمل الانتظار لفترات كبيرة، الدخل محدود جدا، وأقل من احتياجاته الأساسية، ويحارب يومياً لكى يوفر لأولاده وجبة طعام على أمل أن الحال سوف يتغير خلال سنة أو أقل، أما أن نتجاهل تضحياته وحرمانه هذا ونعمل بمنطق وأسلوب الأنظمة السابقة، فهذا سوف ينتهى بنا إلى مالا تحمد عقباه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف